-

أثر الكلمة الطيبة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم الكلمة الطيبة

يتكوّن مصطلح الكلمة الطيبة من كلمتين، الأولى هي الكلمة؛ وتعني اللفظ الذي يستخدمه الإنسان ليعبّر به عما في داخله، واللفظ الثاني هي الطيبة؛ حيث إنّ الكلمة قد وُصفت بأنّها طيبة، والطيب هو ضد الخبيث، ومعناه ما استقام واستقر، وعليه فإنّ الكلمة تفيد التعبير والطيبة تفيد الحلال، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)،[1] أي كلوا مما أحلّ الله لكم، ثمّ إنّ معنى الكلمة الطيبة أي الكلمة التي أحلّها الله تعالى، ومعناها عند الفقهاء: هو التعبير المشروع الذي يجوز للمسلم أن يعبّر به، لأنّ الكلمة لا تقتصرعلى المراد من اللفظ فقد، فهناك من هو محرومٌ من الكلام فيعبّر بالإشارة، وهناك من يعبّر بالفعل دون أي إشارة.[2]

أثر الكلمة الطيبة

إن للكلمة الطيبة خصائص وفوائد وآثار، وفيما يأتي بيانٌ لها بشكلٍ مفصّلٍ:[3]

  • شعبة من شعب الإيمان، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من كان يُؤْمن باللَّه واليوم الآخرِ فَليقل خيراً، أو لِيصمت).[4]
  • صفة من صفات المؤمنين الصادقين والدعاة، وشعار لهم.
  • الكلمة الطيبة صدقة؛ فالصدقة لا تختصّ بالمال فقط، وإنّما تشمل كل ما يقرّب العبد إلى الله؛ لأنّ فعله يدلّ على صدق فاعله في طلب رضوان الله عزّ وجلّ.
  • تؤلِّف بين القلوب، وتُصلح النفوس، وتُذهب الحزن، وتُزيل الغضب، وتُشعر بالرضا والسعادة، وتؤدّي إلى اجتماع الكلمة.
  • موافقتها للشرع، وفيها ما يدعو إلى التوحيد، وينافي البدع والمنكرات، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).[5]
  • اللمة الطيبة انتصاراً على الشيطان، فإن لم يلتزم المؤمنون بالكلام الطيب أثناء تحاورهم، ألقى الشيطان بينهم العداوة والفساد والبغضاء، لأنّ الشيطان حريصٌ على إفساد ذات البين.
  • تحقّق المغفرة من الله تعالى، والفوز بالجنة والنجاة من النار.
  • صعودها إلى السماء، فتُفتح لها أبواب السماء، قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ).[6]
  • هدايةٌ من الله إلى العبد، وفضلٌ منه عليه.
  • كل إحسانٍ لا يكون جزاؤه إلا الإحسان، فمن ردّ سوءاً عن أخيه المسلم، ردّ الله وجهه النار يوم القيامة.

استثمار الكلمة الطيبة دعوياً

إن للكلمة الطيبة وسائل متعددّة يستخدمها المسلم في دعوته، قد يبني فيها مؤسّسة خيرية، وقد يُنقذ فيها قلوباً من عالم السبات، وإنّ الموفّق من وفّقه الله لكلمة الخير، فيكون له أجرها وأجر من عمل بها، وعلى الداعية أن لا يبخل بما عنده من العلم، فيؤدّي الأمانة، ويستثمر الكلمة الطيبة في دعوته من خلال ما يأتي:[7]

  • مناداة المدعو بأحب الأسماء إليه.
  • الدعاء للمدعو بأن يهديه اللنه ويشرح صدره، ويفتح عليه.
  • تشويق المدعو إلى الاستجابة لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه سلم، وذلك من خلال الترغيب في الخير، والترهيب من الشر.
  • ربط حياة المدعو بالإسلام قولاً وعملاً من خلال العيش معه عيشاً جماعيّاً.
  • الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
  • تذكير المدعو بفضل الأعمال الصالحة، مما يدعوه إليه ويحفزّه إلى فعله.
  • تقديم الشكر لكلّ من ساهم في نشر الخير والدعوة، ممّا يؤدّي إلى تشجيع العاملين إلى القيام بالأعمال الخيريّة والدعويّة.
  • تشجيع أعمال البر والخير بجميع أشكاله.
  • كتابة المقالات في المجلّات، والجرائد، والانترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
  • تقديم النصيحة للآخرين، وهداية الضالّ، وتعليم الجاهل، وإرشاد التائه، ودعوة غير المسلم إلى الإسلام.

حفظ اللسان

جاء التحذير من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من أعمالٍ تباعد فاعلها عن الجنة؛ ومنها عدم حفظ اللسان، وأخبر أن سبب دخول الناس إلى النار هو حصاد ألسنتهم، فالبعض يتساهل بما يخرج من لسانه من الكلام، وينسى أن هناك ملك عن يمينه يكتب حسناته، وملك عن شماله يكتب سيئاته، ولا يضيع منها شيئاً، وهناك الكثير من الناس لا تقوم مجالسهم إلا على القيل والقال، والغيبة والنميمة، ويعتبرون ذلك موضعاً للفكاهة يرفّهون فيه عن أنفسهم، ويدخل في ذلك إساءة الأدب مع الله والقنوط من رحمته، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ)،[8] فهذا حال كلمةٍ واحدةٍ ينطق بها الإنسان، ومن دعا إلى غير الله، أو دعا إلى الشرك به، فإن الله لا يغفر له، كما قال: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ).[9][10]

الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة

الكلمة الطيبة شجرةٌ مثمرةٌ، ضربت جذورها في باطن الأرض، فتمدّدت أغصانها وفروعها في الآفاق، حيث قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)،[11]فبها ينال المسلم مطالب الآخرة،[12] أما الكلمة الخبيثة فهي على النقيض تماماً من الكلمة الطيبة، تضرّ صاحبها ولا تنفعه، وتضرّ ناقلها، ومتلقّيها، والناطق بها، وسامعها، فلا خير ولا طيب ولا نفع فيها، ومثلها كمثل الشجرة الخبيثة؛ مذاقها مرٌّ وأصلها غير ثابت، وشكلها لا يسرّ الناظرين إليها، تتشابك فروعها وأغصانها حتى ليخيّل إلى الناظر إليها أنّها تطغى على ما حولها من النبات، لكنّها في حقيقتها هزيلةً ضعيفةً، تنهار أمام أدنى ما يعصف بها، ومثلها كمثل الكافر الذي لا ثبات له في شيءٍ ولا قرارٍ، يتقلّب بين مبدءٍ وآخرٍ، لا يهتدي إلى الحق، ولا يعرف إلى الخير طريقاً، فكل ما فيه هو شرٌ له؛ اعتقاداً وفكراً، سلوكاً وأخلاقاً، كما قال الله تعالى فيه: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ).[13][14]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 172.
  2. ↑ "التعريف بالكلمة الطيبة"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ أحمد أبو عيد (6-12-2015)، "الكلمة الطيبة وأثرها في النفوس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 47، صحيح.
  5. ↑ سورة فصّلت، آية: 33.
  6. ↑ سورة فاطر، آية: 10.
  7. ↑ خالد الدرويش، "الكــــلمة الطــــيبة كيف تستثمرها دعويا ؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6478 ، صحيح.
  9. ↑ سورة النساء، آية: 122.
  10. ↑ "حفظ اللسان"، www.alfawzan.af.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 19-5-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة إبراهيم، آية: 24-25.
  12. ↑ "الكلمة الطيبة "، www.ar.islamway.net، 2017-7-25، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.
  13. ↑ سورة إبراهيم، آية: 26.
  14. ↑ "الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2019. بتصرّف.