عدد ركعات قيام الليل
عدد ركعات قيام الليل
إنّ قيام الليل يتحقّق ولو أدّاه المسلم ركعتين؛ حيث قال ابن عباس فى تفسيره لقوله سبحانه وتعالى: والذين يبيتون لربّهم سجّداً وقياما "، من صلّى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجداً أو قائماً، وعن فضالة بن عبيد وتميم الدّاري رضى الله عنهما، أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قرأ عشر آيات فى ليلة كتب له قنطار، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك عز وجل: اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول الله عز وجل للعبد: اقبض فيقول العبد بيده: يا رب أنت اعلم، يقول: بهذه الخلد وبهذه النعيم "، رواه الطبراني.
قيام الليل هو من النّوافل المؤكّدة، حيث ندب إليها القرآن الكريم، وحثّنا عليها النّبي صلّى الله عليه وسلّم، ويكون أقلها ركعة الوتر، وذلك لما ورد في الصحيحين عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:" صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصّبح فأوتر بواحدة "، وأمّا أكثر عدد للركعات في قيام الليل فإنّ السّنة التي وردت عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم بيّنت أنّه لم يزد في قيامه لليل على إحدى عشرة ركعةً، وقد ثبت أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قد صلّى بعد صلاة الوتر ركعتين.
أفضل وقت لقيام الليل
يعدّ أفضل وقت لأداء قيام الليل هو الثّلث الأخير من الليل، وذلك لأنّه يوافق نزول الله عزّ وجلّ إلى السّماء الدّنيا، وذلك كما قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" ينزل ربّنا تبارك وتعالى في كلّ ليلة إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ " رواه البخاري ومسلم.
وأمّا في حال خاف المسلم أن لا يستيقظ لقيام الليل فإنّ الأفضل له أن يُصلّي ويوتر قبل نومه، وذلك لما صحّ عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في سنن الترمذي وغيرها.
فوائد قيام الليل
- صحة جسم من كان قائماً لليل، وصفاء روحه، وجمال وجهه؛ حيث قيل للحسن البصري رحمه الله: لم كان المتهجّدون أحسن النّاس وجوهاً؟ قال: لأنّهم خلوا بربّهم فأعطاهم من نوره.
- توفيق الله عزّ وجلّ وفتحه على من كان قائماً لليل. قال الله سبحانه وتعالى:" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "، العنكبوت/69.
- إمتاع الله سبحانه وتعالى لمن كان قائماً لليل برؤية وجهه الكريم في يوم القيامة؛ حيث قال الحسن البصرى رحمه الله: لو علم العابدون أنّهم لا يروا ربّهم لذابوا.
آداب قيام الليل
- أن يتوضّأ المسلم قبل أن ينام، وينوي أن يقوم الليل، فقد قال أحد الصّحابة: إنّي لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.
- أن يذكر المسلم الله عزّ وجلّ عند قيامه من النّوم؛ فعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال:" من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، الحمد لله، سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم، ثمّ قال: اللهمّ اغفر لي، أو دعا أستجيب له، فإن توضّأ وصلّى قبلت صلاته "، رواه البخاري.
- أن ينوي المسلم بالنّوم أخذ قسطٍ من الرّاحة ممّا يعينه على أداء قيام الليل حتّى يكسب أجراً في نومه.
- أن يجعل المسلم قراءته في قيام الليل بين الجهر والسّر.
- أن يتفكّر المسلم ويتدبّر في الآيات التي يقرؤها.
- أن يستفتح المسلم قيام الليل بركعتين خفيفتين، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح الصّلاة بركعتين خفيفتين "، رواه مسلم.
فضل قيام الليل
إنّ لقيام الليل فضلاً عظيماً، وذلك لعدّة أسباب:
- إنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان يعتني بقيام الليل عنايةً كبيرةً حتى تتفطّر قدماه، وكان يجتهد في أداء ذلك كثيراً.
- إنّ قيام الليل يعدّ من أعظم الأسباب المؤدّية إلى دخول المسلم إلى الجنّة.
- إنّ قيام الليل يعدّ سبباً من أسباب رفع درجة المسلم في الجنّة، وذلك لحديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ في الجنّة غُرفاً يُرى ظاهرُها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألانَ الكلام، وتابع الصيام، وأفشى السّلام، وصلى بالليل والنّاس نيام "، رواه أحمد والترمذي.
- إنّ من كان محافظاً على أداء قيام الليل يعدّ محسناً مستحقّاً لرحمة الله عزّ وجلّ وجنته، قال الله سبحانه وتعالى:" كَانُوا قَلِيلا مِّنَ الليل مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ "، الذاريات(17،18).
- إنّ الله سبحانه وتعالى مدح أصحاب قيام الليل بوصفهم من جملة عباده الأبرار، قال الله تعالى:" وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا " الفرقان-64.
الأسباب المعينة على قيام الليل
- أن يعرف المسلم فضل قيام الليل، ومنزلة من يؤدّيه عند الله عزّ وجلّ، وما يناله من سعادة الدّارين الدّنيا والآخرة، وأنّ الله سبحانه وتعالى قد شهد لأصحاب قيام الليل بالإيمان التام والكامل، وعدم استوائهم مع الذين لا يعلمون، وأنّ قيام المسلم في الليل سبب من أسباب دخول الجنّة، وأنّ ذلك من صفات المسلمين الصّالحين.
- أن يعرف المسلم أنّ الشّيطان يكيد له، ويحاول أن يثبطه عن قيام الليل؛ فهذا يدفعه إلى أن يترك الكسل ويعمل، وذلك لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بمنكبي فقال:" كن في الدّنيا كأنك غريب أو عابر سبيل "، رواه البخاري.
- أن يغتنم المسلم صحّته وفراغ وقته، حتى يكتب له ما كان يعمله، وذلك لحديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ". رواه البخاري.
- أن يحرص المسلم على النّوم باكراً، وذلك حتى يستيقظ بكلّ همّة ونشاط، ويستعين بذلك على أداء صلاة قيام الليل.
- أن يحرص المسلم على التقيّد بآداب النّوم؛ حيث عليه أن ينام على طهارة، أو يتوضّأ، ثمّ يصلي ركعتين سنّة الوضوء، ويقرأ أذكار النّوم.