يشرع للمسلم بعد أدائه للصلاة أن يذكر الله -تعالى- بمجموعةٍ من الأذكار الواردة عن النبي محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، ويكون ذلك مباشرةً بعد انتهائه من الصلاة، ودون فصلٍ طويلٍ بينهما؛ فقد رأى بعض العلماء أنّ فضيلة هذه الأذكار تذهب إن تُليت بعد فصلٍ طويلٍ عن الصلاة، ومن فضائل هذه الأذكار؛ أنّ لها أجراً عظيماً يحوزه المسلم بالحفاظ عليها، وأنّها سببٌ من أسباب دخول الإنسان للجنة، وهي تكفّر السيئات والخطايا عن قائلها؛ فالتسبيح والتحميد والتهليل بعد الصلاة من أسباب مغفرة ذنوب العبد، ويجوز للمسلم أن يقرأ هذه الأذكار داخل المسجد، وخارجه، إلا أنّ الأفضل في المسجد، فقد رأى بعض العلماء أنّ ثواب ذلك أكبر وأعظم.[1]
يجوز للمسلم أن يدعو بعد انتهائه من أداء الصلاة؛ لأنّ هذا الوقت يعدّ من الأوقات المستحب فيها الدعاء، كما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يفعل ذلك؛ فيدعو الله -تعالى- ويذكره بعد انتهائه من الصلاة؛ إلّا أنّ بعض العلماء يرى أنّ رفع اليدين للدعاء بعد الصلاة بدعةٌ محدثةٌ؛ فلم يكن من هديه -صلّى الله عليه وسلّم- أن يرفع يديه عندما يدعو بعد الصلاة، وإنّما كان يسبّح الله ثلاثاً وثلاثين، ويكبّره ثلاثاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين، ثمّ يُتمّ هذه الأذكار إلى المئة بقوله: "لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ"، لذا فينبغي للمسلم أن يحرص على هذه الأذكار بعد انتهائه من الصلاة، ولا حرج عليه أن يدعو الله -عزّ وجلّ- بما شاء أيضاً.[2]
ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حديثٌ شريفٌ يبيّن فضل تلاوة آية الكرسي بعد أداء الصلاة، يقول فيه: (مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ)،[3] وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث: إنّ قراءة آية الكرسي مستحبةٌ بعد أداء الصلاة، ويُرجى لمن حافظ على ذلك أن يدخل الجنة إذا استقام على أمر الله -عزّ وجلّ-، وحافظ على دينه، فيظهر من ذلك أنّ المداومة على قراءة الكرسي سبباً من أسباب دخول الجنة، إذا فعل ما أمره الله -تعالى- به، وانتهى عمّا نهاه عنه.[4]