أين دفن سيدنا ابراهيم
مولد إبراهيم عليه السلام ووفاته
وُلد إبراهيم عليه السلام في زمن النمرود بن كنعان كما وضح ذلك ابن جرير، وروي أن النمرود كان ملكاً شديد الظلم والبطش وأن ملكه دام ألف سنة، وفي أحد الليالي طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر، ففزع النمرود من ذلك فجمع الكهنة ليستفسر منهم عن الأمر، فقالوا له: (يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه)، فأمر النمرود بقتل كل من وُلد في ذلك العام، وكان مولد إبراهيم عليه السلام فيه، إلا أن الله تعالى تكفل بحمايته وحفظه، وقيل أنه وُلد في بابل، وقال ابن عباس أنه وُلد ببرزة في دمشق، وقيل إنه ولد في السوس، وأمّا وفاته عليه السلام فقد ورد في أخبار أهل الكتاب الكثير من القصص التي تتحدث عن صفة مجيء ملك الموت إليه، والله أعلم بصحتها، فقيل إنه مرض ومات وعمره مئة وخمسة وسبعون عاماً، وقيل إنه مات فجأة، وتولّى دفنه ولداه إسماعيل وإسحاق عليهم السلام جميعاً.[1]
مكان دفن إبراهيم عليه السلام
ذكر بعض العلماء بأن قبر خليل الله إبراهيم عليه السلام يقع في مدينة الخليل في فلسطين، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب جامع المسائل، حيث قال: (القبر المتفق عليه هو قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقبر الخليل فيه نزاع، لكن الصحيح الذي عليه الجمهور أنه قبره)، وبين أيضاً في مجموع الفتاوى أنه لما فتح المسلمون فلسطين كان قبر إبراهيم عليه السلام محاطاً بالسور السليماني، ولم يكن أحدٌ من الناس يدخل إليه أو يصلي عنده، وإنما كان المسلمون يُصلون بأحد المساجد في مدينة الخليل، وبقي الأمر كذلك طيلة فترة حكم الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، إلى أن جاء النصارى فنقبوا السور الذي حول القبر وجعلوه كنيسة لهم، وبعد أن أخذ المسلمون منهم البلاد جعلوه مسجداً، لذلك كان بعض العلماء لا يُصلّون في ذلك المكان، وأكد الشيخ ابن باز رحمه الله بأن قبور الأنبياء كلها مجهولة الموقع إلا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يقع في بيته في المدينة المنورة، وقبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام الذي يقع في مغارة في مدينة الخليل في فلسطين.[2][3]
دعوة إبراهيم عليه السلام
أرسل الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام إلى قومه في العراق ليدعوهم إلى توحيد الله تعالى وترك عبادة الأصنام، وقد خص الله تعالى نبيه إبراهيم بعدد من الصفات الحميدة، وأكرمه بأن جعله أبا الأنبياء، حيث جعل كل الأنبياء من بعده من نسله، حيث قال تعالى: (وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ * وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ)،[4] وقد رزقه الله تعالى بولدين كانا من أنبياء الله، وهما إسماعيل عليه السلام الذي كان جدّ العرب وجاء من نسله خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وإسحاق الذي رزقه الله تعالى بيعقوب الملقب بإسرائيل وإليه يُنسب بنو إسرائيل.[5]
وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أن والد إبراهيم عليه السلام كان ينحت الأصنام ويبيعها، فحزن إبراهيم لذلك وخص أبيه بنصيحة، حيث قال: (يا أَبَتِ لِمَ تَعبُدُ ما لا يَسمَعُ وَلا يُبصِرُ وَلا يُغني عَنكَ شَيئًا*يا أَبَتِ إِنّي قَد جاءَني مِنَ العِلمِ ما لَم يَأتِكَ فَاتَّبِعني أَهدِكَ صِراطًا سَوِيًّا)،[6] ولكن والده لم يستجب له وهدده بالهجر والقتل رجماً، فترك إبراهيم عليه السلام والده ولكنه بقي يستغفر الله له ويدعو له بالهداية إلى أن تبين أنه عدو لله فتبرأ منه، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَما كانَ استِغفارُ إِبراهيمَ لِأَبيهِ إِلّا عَن مَوعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنهُ إِنَّ إِبراهيمَ لَأَوّاهٌ حَليمٌ)،[7] وبعد أن حاور إبراهيم قومه ليبين لهم أن عبادتهم للأوثان التي لا تضر ولا تنفع عبادة باطلة، تبين له أن قومه ينقادون لغيرهم كالبهائم بلا عقول، وأن الوعظ والإرشاد لا يؤتي أكله معهم، فقرر أن يبين لهم البرهان العملي على أن الأصنام حجارة لا تضر ولا تنفع، وذلك من خلال تحطيم أصنامهم كلها إلا كبيرهم ليرجعوا إليه بالسؤال عن الذي حطم الأصنام، قد وصف الله تعالى موقف إبراهيم عليه السلام، حيث قال: ( فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ*مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ* فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ)،[8] وقال تعالى: (فَجَعَلَهُم جُذاذًا إِلّا كَبيرًا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ).[9][5]
فلما رجع قوم إبراهيم عليه السلام من عيدهم وجدوا آلهتهم محطمة، فغضبوا لذلك وأشاروا إلى إبراهيم عليه السلام بإصبع الاتهام، فرد إبراهيم عليه السلام قائلاً: (بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ)،[10] وفي تلك اللحظة رجع قومه إلى أنفسهم، فهم يعلمون أن الأصنام جماد لا تنطق، فقالوا: (لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ)،[11] وبذلك اعترفوا بألسنتهم على عجز آلهتهم، فقال لهم إبراهيم عليه السلام: (أَفَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكُم شَيئًا وَلا يَضُرُّكُم* أُفٍّ لَكُم وَلِما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ أَفَلا تَعقِلونَ)،[12] وبعد أن عجزوا عن الرد بالحجة والبرهان، وتبين لهم بطلان عبادتهم للأصنام، لجأوا إلى القوة المفرطة، حيث أشعلوا ناراً عظيمةً ليحرقوا بها إبراهيم عليه السلام، ثم ألقوه فيها، فلم يكن منه إلا أن قال حسبي الله ونعم الوكيل، فأمر الله تعالى النار بأن تكون برداً وسلاماً عليه، فنجا إبراهيم عليه السلام من القوم الكافرين.[5]
المراجع
- ↑ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (1424هـ / 2003م )، البداية والنهاية (الطبعة ---)، -: عالم الكتب، صفحة 402-403، جزء عشرون جزءا. بتصرّف.
- ↑ "قبر خليل الله إبراهيم عليه السلام في الخليل في فلسطين"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-1-2018. بتصرّف.
- ↑ "أين يقع قبر آدم عليه السلام ؟"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 84-86.
- ^ أ ب ت "إبراهيم عليه السلام"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة مريم، آية: 42،43.
- ↑ سورة التوبة، آية: 114.
- ↑ سورة الصافات، آية: 91-93.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 58.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 63.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 65.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 66،67.