-

كيف تصلي المرأة صلاة التراويح في البيت

كيف تصلي المرأة صلاة التراويح في البيت
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العبادات

ترتَبِط بعض العبادات بأوقاتٍ مُعيّنةٍ من الأيّام والأشهر والليالي خلال العام، فمثلاً شرعت من العبادات اليوميّة الصلاة خمس مراتٍ في اليوم فرضاً، وشرعت غير الفرائض في أوقاتٍ أخرى خلال النهار، كصلاة الضحى وقيام الليل وصلاة الوتر وغيرها، وشُرِع الصيام في شهر رمضان المبارك من كل عام هجري، كما جاءت السُّنة بصيام أيامٍ أُخَر في العام كصيام يوم عرفة، والإثنين، والخميس من كل أسبوع، وصيام تاسوعاء وعاشوراء، وصيام ستٍ من شوال، وشُرِع الحجُّ في أيامٍ معدوداتٍ من كل عام.

مِمّا يُميِّز شهر رمضان المبارك غير الصيام أنَّ فيه صلاةٌ تقامُ يومياً بعد صلاة العشاء يستمر وقتها حتى طلوع الفجر تقرُّباً إلى الله - عزّ وجل - تسمى التراويح، ولا تكون هذه الصلاة إلّا في شهر رمضان من كل سنة، وقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في جواز أداء هذه الصلاة، فتأدية صلاة التراويح لا تقتصر على الرجل بل تستطيع المرأة تأديتها سواءً كان ذلك في البيت أم في المسجد، وفي كلتا الحالتين تحصل على الأجر والثواب من الله عز وجل لقاء صلاتها وعبادتها كما الرجل تماماً.

صلاة التراويح

معنى التراويح

التراويح لُغةً: من رَوَحَ، ورَوحَ بالقوم تَريوحاً: صلّى بهم التراويح، والترويحة: المرّة الواحدة من الراحة، وصلاة التراويح اصطلاحاً: هي صلاةٌ مسنونة تُقام بعد صلاة العشاء في شهر رمضان المبارك على وجه الخصوص.[1]

سبب التسمية

التراويح جمعُ ترويحة وهي في الأصل: اسمٌ للجلسة مطلقة، وسمّيت الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي رمضان بالترويحة للاستراحة، ثمّ سُمّيت كل أربع ركعاتٍ ترويحة مجازاً، فالمصلي فيها يستريح بين كلّ أربع ركعات ثم يُتابع صلاته حتى يُنهيها كاملةً لذلك سُمّيت بصلاة التروايح.[1]

حكم صلاة التراويح

صلاة التراويح سنةٌ بإجماع العلماء، وزاد الحنفية بأنّها سنةٌ مؤكدة لا ينبغي تركها، وقيل بأنّها مستحبة، وروي عن أبي بكر الباقلاني أنّها واجبة، وأمّا ما عليه الإجماع فهو أنها سنةٌ،[2] وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (مَنْ قَامَ رمَضَانَ إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبه)،[3] ولما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في المسجد ذات ليلة، فصلَّى بصلاته ناسٌ، ثم صلّى من القابلة فكثُر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة - أو الرابعة - فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبح قال: (قد رأيْت الّذي صَنَعْتُمْ، فلم يَمْنَعني من الخروج إليكم، إلا أنّي خَشيتُ أن تُفْرَضَ عليكم).[4] وكان ذلك في رمضان.

وقت صلاة التراويح

يبدأ وقت صلاة التراويح بعد انتهاء صلاة العشاء ويمتدّ إلى أذان الفجر، فمن أدّاها قبل صلاة العشاء لم تُقبل منه على أنّها تراويح إنما تُعتبر نفلاً، فلا يضيع أجر عبادةٍ عند الله عزّ وجل، أمّا من صلى العشاء وصلى بعدها التراويح ثم تذكّر أنّه لم يكن على وضوء فيجب عليه أن يعيدهما كلاهما؛ لأنّ العشاء لم تؤدَّ بالنسبة له ولا يجوز أداء التراويح إلا بعد العشاء، وإن صلّاها بعد الفجر كذلك فلا يصحُّ أداؤها إلا في وقتها المخصص، ويجوز أن يؤدّيها قبل سنة العشاء لكن الأفضل أن يصليها بعد السنة.[5]

عدد ركعات صلاة التراويح

اختلف الفقهاء في عدد ركعات صلاة التراويح على عدة أقوال؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى أن عدد ركعات صلاة التراويح عشرون ركعة، تُصلّى ركعتين ركعتين، يستريح بين كل أربع ركعات، وقد استدلوا بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه، بينما ذهب المالكيّة في أحد الأقوال إلى أنّ عدد ركعاتها ستة وثلاثون ركعة، وفي قولٍ آخر إنّ عدد ركعاتها ستة وعشرون ركعة، وقد استدلّوا بعمل أهل المدينة الذي يعدّونه أحد مصادر التشريع عندهم.[6]

صلاة المرأة للتراويح

هل صلاة المرأة في بيتها أفضل أم في المسجد

يجوز للمرأة أن تُصلّي التراويح في المسجد كالرجل فقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: (لا تَمْنَعُوا إِماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ)،[7] ولكن ذلك الجواز مقترنٌ بعدّة شروط منها:[8]

  • أن لا تتعطر ولا تتزيَّن بزينةٍ ظاهرة.
  • أن لا تلبس أحذيةً مُلفتة كالخلاخل التي يُسمع صوتها.
  • أن لا تلبس ثيابًا فاخرةً بقصد التّفاخر.
  • أن لا تَختلط بالرّجال لأي سبب.
  • أن لا تكون ممّن يُفتتنُ بها لجمالٍ أو شبابٍ أو غير ذلك.
  • أن لا يكون في طريقها ما يُخافُ به عليها من الفساد.

مع كلِّ ذلك فإنّ صَلاة المرأة في بيتها خيرٌ لها من الصلاة في المسجد حتى إن تَجاوزت كلّ ما سبق ذكره من أسبابٍ للفتنة، وكلما استترت في صلاتها أكثر كان ذلك أحب وأفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صَلاةُ المرأةِ في بيتِها خيرٌ مِن صلاتِها في حُجرتِها، وصلاتُها في حُجرتِها خيرٌ من صلاتِها في دارِها، وصلاتُها في دارِها خيرٌ من صلاتِها في مسجِدِ قومِها).[9]

كيفية صلاة التراويح للمرأة في البيت

لا تخرجُ كيفيّة تأدية صلاة التروايح للمرأة في بيتها عن أمرين لا ثالث لهما؛ فإمّا أن تُصليها جماعةً مع محارمها من الرجال أو مع نساء بيتها، أو أن تُصلّيها منفردة، وكل ذلك جائزٌ وحسن، فإن صلّتها مأمومةً التزمت بصلاة الإمام فتفعل ما يفعل وتلتزم بحركاته وسكناته لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ بهِ، فإذا رَكَعَ فاركَعوا، وإذا رفعَ فارفَعوا، وإذا صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا)،[10]

إنّ أداء المرأة لصلاة التراويح يكون كصلاتها لأيّ فريضةٍ أو نافلةٍ غيرها، فتبدأها بتكبيرة الإحرام، وتُتبِعها بقراءة سورة الفاتحة في حال القيام، ثمّ الركوع، ثمّ الرفع منه، ثم السجود، ثم الرفع منه، وتكرار ذلك مع الإمام إن كانت مَأمومةً في كلّ الركعات حتى الوصول إلى التشهد الأخير ثم التسليم، أما إن كانت مُنفردةً فتؤديها كما سبق حتى تصل إلى السلام.

تُصلّى التراويح ركعتين ركعتين لما ورد عن رسول الله - عليه الصّلاة والسّلام- من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِرْ بواحدةٍ، فقيل لابنِ عمرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قال: أن تُسلِّمَ في كلِّ ركعتَينِ)،[11] ولحديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: (لَأَرْمُقَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام - اللَّيْلَةَ، فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ أَوْ فُسْطَاطَهُ (البيت من الشَعْر) فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - عليه الصّلاة والسّلام - رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً).[12] ويجوز أن تُصلّى أربعاً أربعاً كالظّهر، ولكن الأفضل أن تُصلّى ركعتين ركعتين لفعله - عليه الصّلاة والسّلام- ذلك، وعند الانتهاء من صلاة التراويح تختمها بصلاة الوِتر.

المراجع

  1. ^ أ ب سعدي أبو حبيب (1988)، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (الطبعة الثانية)، دمشق: دار الفكر، صفحة 155. بتصرّف.
  2. ↑ علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (الطبعة الثانية)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 180، جزء 2. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 37.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 671.
  5. ↑ وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1091، جزء 2. بتصرّف.
  6. ↑ علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 288، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 900.
  8. ↑ سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها، مصر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 948، جزء 2. بتصرّف.
  9. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 1/179، إسناده جيد وقد روي من عدة طرق صحيحة.
  10. ↑ رواه الإمام الشافعي ، في الأم، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 8/536 ، صحيح.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 749.
  12. ↑ رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 765، صحيح.