كيف أحقق الإخلاص

كيف أحقق الإخلاص

الإخلاص

يعرّف الإيمان في اصطلاح علماء أهل السنّة والجماعة بأنّه: الإقرار باللسان، والاعتقاد بالقلب مع ما يصاحبه من عمل الأركان بالجوارح، ويزيد الإيمان بالطاعة وينقص بارتكاب المعاصي والآثام، ومن أعمال القلوب المتعلّقة الإيمان؛ الإخلاص، كما أنّه من أهمها، ومن أهم الأعمال: أعمال القلوب؛ لأنّها التي تميّز المؤمن عن الكافر، ويعرّف الإخلاص؛ بأنه تفريغ القلب لله تعالى، بعدم الانشغال بغيره، وبذلك يتحقّق كمال الإخلاص لله عزّ وجلّ، أمّا المخلص؛ فهو الذي لا يعتبر بمنزلته في قلوب الناس، للوصول إلى صلاح قلبه مع ربّه، كما أنّه لا يرغب باطلاع الناس على أعماله وإن كانت بسيطةً جداً، ومن الجدير بالذكر أنّ دعوة الرسل -عليهم السّلام- كانت متضمّنةً للإخلاص حيث قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)،[1] والإخلاص يكون على ثلاث درجاتٍ؛ فالدرجة الأولى تكون بمشاهدة توفيق الله تعالى لعبده على أداء العمل، وبعدم انتظار العبد الجزاء من الله على ما عمل، والرضا بالعمل بالاعتراف بالتقصير وعيوب العمل، والدرجة الثانية من الإخلاص تكون بالخجل من العمل مع أن العبد بذل المجهود، أمّا الدرجة الثالثة من الإخلاص فتتحقّق بالخلاص من العمل إلا إن كان العمل عن علم وبصيرة، حتى لا يقع العبد في الابتداع في الدين.[2]

كيفيّة تحقيق الإخلاص

يحرص المسلم على إخلاص أعماله لله تعالى؛ طمعاً في الوصول إلى رضاه، إلّا أنّ تحقيق الإخلاص في النفوس والقلوب يتحقّق بسلوك العديد من الوسائل والكيفيّات، ومنها:[3][2]

  • التعرّف على حقيقة الله تعالى، ومعرفة قدرته وعظمته، والاعتراف بأفضاله على العباد، حيث قال الله تعالى: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[4] وبذلك فإنّ العبد لا يلقي بالاً لأحدٍ من المخلوقات والعباد، ويكون جُلّ اهتمامه منصبّاً باتجاه الوصول إلى غايته في إخلاص أعماله لله تعالى.
  • معرفة حقيقة النفس، بأنّها مائلةٌ إلى الكسل والراحة، وأنّها تسعى إلى تحقيق رغباتها وشهواتها، مع حرص النفس على حبّ الظهور والكبر، فمهما بلغت شأن النفس في الحياة الدنيا إلا أنّها في النهاية تبقى لوحدها؛ لمحاسبتها على ما بدر منها في حياتها.
  • الاعتراف بالعبودية المحضة لله تعالى، والعبد لا يتسحقّ أيّ أجرٍ على عبوديته؛ لأنّه عبد لله تعالى، إلّا أنّ الله تعالى يتفضّل ويتكرّم على عباده بالنعم والأفضال وسائر الخيرات، وبناءً على ذلك فعلى العبد أن يحسن أعماله ويخلص فيها لله تعالى.
  • الاستعانة بالله عز وجل، والتوجّه إليه بالدعاء وطلب الإخلاص منه، في الأعمال وقبلها وبعدها، والاستعاذة بالله والإلتجاء إليه من شرور النفس وريائها، حيث أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى الدعاء بقول: (اللهم إنّا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئًا نعلَمُه، و نستغفرُك لما لا نعلمُه).[5]
  • التقرّب إلى الله تعالى بأداء العبادات والقربات بشكلٍ خفيّ، مثل: قيام الليل، والصدقة سراً، والبكاء خوفاً وخشيةً من الله تعالى في الخلوات.
  • توحيد الله تعالى، وعبادته بأسمائه وصفاته، والتقرّب إليه بتلاوة آيات القرآن الكريم وتدبّر معانيها، وتذكّر الموت وما يصاحبه من الأهوال والأحداث، والحرص على إخفاء الطاعات والعبادات وعدم التكلّم بها، والخوف من الشرك بالله تعالى بأي نوعٍ من أنواع الإشراك، والإكثار من العبادات والحرص على اعتيادها حتى تصبح جزءاً من حياة العبد.

الإخلاص لله تعالى

أمر الله تعالى عباده بإخلاص أعمالهم وعباداتهم له وحده، حيث قال: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)،[6] كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أَحَبَّ للهِ، وأَبْغَض للهِ، وأَعْطَى للهِ، ومنع للهِ، فقد استكمل الإيمانَ)،[7] وبإخلاص الأعمال ينال العبد الأجور العظيمة من الله تعالى التي لا ينالها بمجرد الأعمال، وفي المقابل قد يجهد العبد نفسه في أعماله ثمّ لا ينال أيّ أجرٍ عليها؛ بسبب عدم إخلاصه فيها، ودليل ذلك قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما رواه البخاري في صحيحه: (إنّما الأعمالُ بالنيةِ، وإنّما لامرِئٍ ما نوى، فمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه، ومَن كانتْ هجرتُه إلى دنيا يُصيبُها، أو امرأةٍ يتزوجُها، فهجرتُه إلى ما هاجَر إليه)،[8] فالإخلاص في النوايا يجعل عادات العبد وربما شهواته عباداتٍ يحصل على الأجر والثواب من الله تعالى بأدائها، وفي المقابل نهى الإسلام عن الرياء في الأعمال، أو الإشراك فيها، أو الرغبة في السمعة وكلام الناس وحبّ الظهور، أو ثناء الناس على أعمال العبد، حيث إنّ الشرك يبطل الأعمال، ويحرم العبد من الجنّة، ومن مغفرة الله تعالى له، حيث قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)،[9] فالله تعالى غنيّ عن أعمال العباد، وخاصّةً إن كان فيها شركٌ به، وبالمقابل فإنّ العباد هم المحتاجون لربهم، ومن أنواع الشرك التي تبطل العمل؛ الشرك الخفي، وهو ما يطلق عليه الرياء، حيث إنّه من صفات المنافقين وألقابهم، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)،[10] فالله تعالى وعد المرائيين بأعمالهم بأن يدخلهم النار، ويسكنهم في وادٍ منها.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة البينة، آية: 5.
  2. ^ أ ب "الإخلاص"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "خطبة بعنوان الإخلاص"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.
  4. ↑ سورة النور، آية: 21.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 36، حسن لغيره.
  6. ↑ سورة الأنعام، آية: 162-163.
  7. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 8289، صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 6689، صحيح.
  9. ↑ سورة المائدة، آية: 72.
  10. ↑ سورة النساء، آية: 142.
  11. ↑ "الإخلاص لله عز وجل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-9-2018. بتصرّف.