الماموث هو اسم شائع لأنواع من الفيِلَة الضّخمة المنقرضة؛ أشهرها الماموث الصّوفي الذي عُثِر على بقايا عينات منه محفوظة في جليد القطب الشّمالي، والماموث وثيق الصّلة بالفِيّلة الآسيويّة الحاليّة، إذ نشأت أسلاف كل من الماموث والفيل الآسيوي في أفريقيا قبل 6.7-7 ملايين عام، وعاشت هناك ما يقارب 4 ملايين عام قبل أن تنتقل إلى جنوب أوروبا، ثم بعد ذلك بمليون عام هاجرت إلى ما يُعرَف الآن بسيبيريا والسّهول الشّمالية في كندا.[1][2] تميّز الماموث الصّوفي بشعر كثيف وأنياب طويلة معقوفة يُعتقد أنّه استخدمها في العراك، أو لحفر الثّلج بحثاََ عن غذائه الذي يتكوّن من الشّجيرات، والأعشاب، والجذور، والنّباتات الصّغيرة.[3]
تعرضّت فيلة الماموث لانقراض جماعي، وكان الماموث الصّوفي هو آخر الأنواع انقراضاََ، إذ انقرضت أحد أفراده في ألاسكا عام 6000ق.م، فما التفسير العلمي لانقراض فيلة الماموث؟ يبدو أنّ العلماء لم يتمكنوا من تحديد سبب الانقراض بدقة، لذلك وضعوا عدة فرضيات لتفسير الظّاهرة، اقترح العلماء أنّ الماموث بدأ بالانقراض بسبب التّغيرات المناخيّة التي طرأت مع بداية انحسار العصر الجليدي قبل ما يقارب 12.000عاماََ؛ إذ بدأ المناخ يصبح أكثر رطوبة ودفئاََ، وارتفع مستوى البحر وأغرق المناطق السّاحليّة، وتحوّلت الغابات قليلة الكثافة والمراعي إلى غابات كثيفة، واختفت الموائل الطّبيعيّة للماموث مما أدى إلى انقراضه. الفرضيّة الثّانية تشير إلى أنّ الماموث انقرض نتيجة تعرّضه للصّيد الجائر من قِبل البشر للحصول على لحمه، وهناك من يفترض أنّ حيوانات الماموث أُصيبت بمرض معدِِ أدى إلى موتها بشكلِِ جماعيّ.[2]
على الرغم من مرور آلاف السّنوات على انقراض الماموث الصّوفي إلا أنّ هذا لم يمنع البشر من التّفكير باستنساخ ماموث؛ إذ يعتقد بعض العلماء أنّ بقايا الماموث المحفوظ داخل الجليد قد يوفّر عينات تحتوي على كمية كافية من الحمض النّووي (DNA) لاستنساخه، والاستنساخ هو عملية معقدة ومتعددة الخطوات تهدف لتحويل خلية سليمة تحتوي على الـ DNA سليم إلى خلايا جذعيّة والتي بدورها تنقسم عدة مرات داخل أنبوب اختبار، وعندما يحين الوقت المناسب تُنقل إلى رحم حيوان مضيف مناسب لتنزرع فيه، ثم يُترك الجنين ليستكمل تطوره داخل الرّحم حتى يحين موعد الولادة، فهل يمكن تطبيق هذه الخطوات للحصول على ماموث صوفي مُستنسَخ؟[4]
يعتقد العلماء أنّ صعوبة استنساخ الماموث تكمن في طبيعة الحمض النّووي الذي يبدأ عادةََ بالتّحلل بعد الموت مباشرة، فكيف يمكن المحافظة عليه سليماََ لفترة تمتد لآلاف السّنين؟ على الرّغم من أنّ فريقاً علمياً يتمتّع بسمعة حسنة قد أشار إلى أنّه تمكّن من فك رموز جينوم شبه مكتمل لماموث صوفي يبلغ من العمر 40000 عام، إلا أنّ أكثر ما يمكن تأمّل حدوثه هو استعادة جينات الماموث الفرديّة ودمجها مع الحمض النّووي للفيلة الحاليّة للحصول ماموث هجين، وفي هذه الحالة يجب التغلّب على مشكلة أخرى وهي مهاجمة جهاز المناعة للأنثى المضيفة للزايجوت الهجين، الذي قد يتسبب بحدوث إجهاض، ويكون ذلك عن طريق إعطاء الأم البديلة أدوية مناسبة، أو عن طريق استخدام تقنيات زراعة أكثر فعاليّة، وربما عن طريق إنتاج إناث فيلة لتتقبّل الجنين الهجين، وعلى فرض أنّه قد تم التّغلّب على الصّعوبات السّابقة فيجب توفير مكان ملائم لعيش الماموث، ويجب استنساخ العديد من فيلة الماموث لأنّ الماموث يعيش ضمن قطيع ولا يمكن أن يتمكّن ماموث واحد من العيش بمفرده، فهل يمكن تخيّل تأثير قطيع من الماموث على البيئة، وهل يمكن ضمان ألا يعيث فساداََ في بيئة الفيلة الحاليّة التي تستحق منا الحماية بدلاََ من التّفكير في استعادة حيوان منقرض بالفعل.[4]
بالإضافة إلى الماموث الصّوفي (الاسم العلمي: Mammuthus primigenius) توجد عدة أنواع من فيلة الماموث، وهي:[2]
تميّزت فيلة الماموث بالخصائص الآتية:[5]
على عكس الظّن الشائع لم تكن معظم فيلة الماموث أكبر حجماََ من الفيل الإفريقي الحالي -وهو أضخم الأنواع الثّلاث من الفيلة الحاليّة ويبلغ ارتفاعه 3.9م- بل على العكس كانت أحجامها مقاربة لحجم الفيل الآسيوي ويتراوح ارتفاعها ما بين 2.8-3.4م، وكانت تزن ما بين 4-6 أطنان، كما وُجدت في كل من جزر القناة في كاليفورنيا وجزيرة سردينيا أحافير لماموث قزم (الاسم العلمي: Mammuthus exilis) يتراوح ارتفاعه ما بين 1.2-1.8م، وهذا لا ينفي وجود أنواع من فيلة الماموث كبيرة الحجم يتراوح متوسط وزنها ما بين 6-8 آلاف كيلوغرام، وقد يصل وزن بعض الذّكور الضّخمة منها بشكل استثنائي إلى 12 ألف كيلوغرام، ومنها الماموث الإمبراطوري وهو أكبر أنواع الماموث، ويصل ارتفاعه إلى خمسة أمتار على الأقل، أما بالنسبة لناب الماموث فهو أكبر بكثير من ناب الفيلة الحديثة، ويمكن أن يتجاوز طول ناب الماموث الصّوفي 4.2م.[2]