هم سبع فتية وثامنهم كلبهم كما ذكر ابن عباس - رضي الله عنه-، أو هم ثمانية وتاسعهم كلبهم كما روى ابن إسحاق، عاصروا الملك دقيوس ويقال: دقيانوس في مدينة تسمى أفسوس، إذ كان ملكهم هذا يعبد الأصنام، وكانوا يعبدونها أيضاً إلى أن هداهم الله إلى شريعة نبي الله عيسى عليه السلام، وسُمُّوا بأصحاب الكهف نسبة إلى الكهف الذي احتموا فيه من بطش الملك الكافر بعد إيمانهم.[١]
يُقال في قصّة أهل الكهف إنّ رجلاً من حواريُّ عيسى كان قد جاء مدينتهم ليدخلها، فقيل له إن صنماً وُضِع على باب هذه المدينة ليسجد له كل من يريد دخولها، فأبى السجود لذلك الصنم وكره أن يدخلها، فأتى رجلاً عمل عنده فترة من الزمان وعرض عليه الإسلام، حتى آمن في الدين الجديد، وشاء الله أن يؤمن فتية من أهل المدينة معه،[١] وزُعِم بعد مدة أنّ الحواري قتل ابن الملك وامرأة كانت معه، ممّا أشعل غضب الملك فطلبه مع الفتية، ففرّوا إلى أن آواهم الله في كهف دخلوه، ثم بنى رجال الملك عليهم باباً ليحبسهم، لذلك أنامهم الله في الكهف عدداً من السنين زاد عن الثلاثمئة.[١]
وفي رواية أخرى ذكرت أنّهم فتية آمنوا بربهم وهربوا من ملكهم الذي دعاهم لعبادة الأوثان، فمرُّوا أثناء سفرهم برجل على دينهم ومعه كلبه، فصحبهم وقصدوا كهفاً يعبدون الله فيه، وكان منهم مَن يذهب إلى المدينة ليقضي لهم حاجاتهم، إلى أن عاد يوماً فأخبرهم بأنّ الملك جدَّ في طلبهم فتعوَّذوا بالله من الفتنة فاستجاب لهم ربهم وضرب على آذانهم ثلاثمئة من السنين ويزيد.[١]
استيقظ الفتية بعدها وقد بعثهم الله من جديد، يتساءلون فيما بينهم ألبثوا في نومتهم هذه يوماً أو بعض يوم؟ ثم بَعثوا فتى منهم بعملة ليشتري لهم بها ما يقتاتون عليه من طعام وشراب، وطلبوا منه التلطف لئلا يشعر به أحد من القوم الظالمين، فما لبث الفتى أن تعجّب شديد العجب بعد أن وصل إلى مدينة تحمل من الوجوه والآثار ما يدلان على أنها ليست المدينة التي فرّ منها أمس، ولم تستمر دهشته طويلاً قبل أن ينكشف أمره لدى بائع دفع إليه بالدراهم الغريبة التي كان يحملها، فظن أنها كنزاً ونقل خبره في المدينة فانتشرت قصته ومن معه من فتية عُرِفوا فيما بعد باسم أهل الكهف.[٢]
تحمل قصة أهل الكهف في طيّاتها الكثير من العبر، يذكر منها ما يأتي:[٣]