جعل الله -تعالى- الإيمان باليوم الآخر جزءاً من عقيدة المسلم، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)،[1] ويجب أن يكون هذا الإيمان مُجرّداً من الادّعاء بعلم وقت اليوم الآخر، فهذه الحقيقة اختصّ الله -سبحانه- وحده بمعرفتها، قال الله تعالى: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)،[2] وإنّ ما يدخل أيضاً في الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بأمارات الساعة التي تسبق قيامها، والإيمان بالموت والسؤال في القبر، وكذلك الإيمان بالنفخ والحشر والنشور، ومن ذلك جمع الخلائق على صعيدٍ للقاء الله عز وجل، ويلي ذلك الحساب والعرض أمامه سبحانه، ومن الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بالميزان والصراط ونشر صحائف الأعمال، والاقتصاص من الظالم وإنصاف المظلوم. وفي اليوم الآخر يُساق الناس إلى جنّة أو إلى نار، ويتنعّم أهل الجنّة بحوض الكوثر يردون فيه على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ويشربون منه، وكلّ ذلك من عموم إيمان المرء بوجود اليوم الآخر.[3]
وقد رتّب الله -سبحانه- على الإيمان باليوم الآخر آثاراً طيبة على النفس إن استيقَنتها حقاً، فإنّ العبد إن أيقن بوجود حياة أخرى بعد الموت ارتاحت نفسه تجاه ما يلاقي في حياته من كدٍّ ونصب، لاقى صعوبات الحياة بصبرٍ، وواجه مرّها وشقاءها بطمأنينة، فهو مطمئنٌّ بتعويض الله وإيفائه جزاءه بالخير حين يلقاه. وإنّ الإيمان باليوم الآخر يجعل الإنسان يحسب حساب الآخرة فيمتنع عن المحرّمات، وإن بدت مُحبّبة إلى النفس، وكذلك يُقبل على الطاعات، وإن كانت شديدة مكروهة في بعض الأحيان، فالمؤمن بالآخرة يُفكّر بعقله في عواقب الأمور، فلا يفضّل فرحاً صغيراً يسيراً على ضياع آخرته، فتراه يُحسن العمل يبحث عن رضا ربّه في حياته، مبتغياً منه الأجر والثواب على حسن صنيعه يوم القيامة.[4]
يُذكر خلال الحديث عن علامات يوم القيامة الكبرى أنّها آخر ما تشهده الأرض من أحداث قبل يوم القيامة، لذلك لا بدّ أنّها لم تأت بعد، ولم يتحقّق شيء منها، وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّها عشر علامات متتالية، إن بدأت فسوف تتابع سريعاً حتى تظهر آخر علامة، ثم تقوم القيامة. وأمّا العلامات الصغرى ليوم القيامة فهي كثيرة عديدة، وقد بدأت منذ فترة طويلة نسبياً؛ إذّ عدّ النبي -عليه الصلاة السلام- بعثته من علامات يوم القيامة، وكذلك انشقاق القمر الذي وقع في حياته. وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك من العلامات الصغرى لقرب يوم القيامة ما يبقى مستمرّاً فترة من الزمن ككثرة القتل وظهور الفتن، ومنها ما لم يحدث بعد، كانتفاخ الأهلة وتكليم بعض الجمادات للإنسان. ويلي علامات الساعة الصغرى العلامات الكبرى التي كما أسلف الذكر أنها ستأتي تباعاً حين تبدأ، ولذلك شبهها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعقد أو السلك الذي ينقطع فتتساقط الحبات منه سريعاً حتى تنتهي وتبدأ أحداث يوم القيامة.[5][6]
ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر علاماتٍ كبرى ليوم القيامة، فقال لأصحابه: (إنها لن تقومَ حتى ترَون قبلَها عشرَ آياتٍ، فذكر الدخانَ والدجالَ، والدابةَ، وطلوعَ الشمسِ من مغربِها، ونزولَ عيسى ابنِ مريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويأجوجَ ومأجوجَ. وثلاثةَ خُسوفٍ: خَسفٌ بالمشرقِ، وخَسفٌ بالمغربِ، وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ. وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمنِ، تطردُ الناسَ إلى مَحشرِهم).[7] وقد اختلف العلماء في ترتيب هذه العلامات حين ظهورها، لورود أكثر من رواية عن النبي عليه السلام في الحديث الذي بيّن علامات الساعة الكبرى، وفي كلّ رواية ترتيب مختلف عن الآخر، إلا أنّ المؤكّد أنّه بمجرّد ظهور إحدى هذه العلامات فإنها ستظهر كلّها تباعاً سراعاً كما بيّنّا، وفيما يأتي ذكرٌ لهذه العلامات بشيء من التفصيل:[6]