مرض السل هو مَرض خطير ومعدٍ، ناتج عن الإصابة بعدوى بكتيريّة من عدّة أنواع من البكتيريا، تُسمّى بمايكوبكتيريوم، وأكثر أنواع هذه البكتيريا تسبّباً بالسل وأوسعها انتشاراً تُسمّى بمايكوبكتيريوم تيوبركلوسيس، والكلمة الاخيرة تعني السل. كان هذا المرض المُسبّب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكيّة في بدايات القرن العشرين، وذلك قبل ابتكار المضادّات الحيويّة، التي عملت ولا زالت تعمل على شفاء معظم حالات المرض، إلّا أنّ انتشاره شهد ازدياداً ملحوظاً في أواخر القرن الماضي، خصوصاً في الدول النّامية، وذلك بسبب انتشار فيروس العوز المناعي البشري المُسبّب لمرض الإيدز؛ إذ يُضعف هذا الفيروس مناعة جسم المريض بشكل كبير، وبذلك لم يَعد بمقدوره مُقاومة مرض السل.
غالباً يُؤثّر مرض السل على الرّئتين، إلّا أنّه قد ينتشر في مُختلف أجزاء الجسم كالدماغ والنّخاع الشوكي، وهنالك شكلان رئيسيان لهذا المرض، يتمثّل الشكل الكامن منه بوجود البكتيريا في جسم المريض، إلّا أنّه لا يُعاني من أيّة أعراض وبالتالي لا يشكّل المريض مصدراً للعدوى، وذلك لأنّ جهازه المناعي أوقف انتشار المرض، وأجبر البكتيريا على البقاء دون تأثير، ولكن تبقى الفرصةُ مهيّئةً للمرض للتحوّل إلى الشكل النّشط، ولذلك يُعطي الأطبّاء عادةً المريض المضادّات الحيويّة للقضاء على المرض بشكل كامل، أمّا النّوع النّشط فيُعاني فيه المريض من الأعراض العديدة لمرض السل، وتقوم البكتيريا بالانقسام والتّكاثر وكذلك الانتشار في مختلف أعضاء المريض، بالإضافة إلى إمكانيّة نقل المريض للعدوى إلى أشخاص آخرين.[1][2]
يُعدّ مرض السل أحد الأمراض التي تنتقل عبر الهواء، مثل الإنفلونزا والرشح؛ فعندما يقوم الشخص المصاب بالسل، خصوصاً النّوع الرئوي منه، بالعطس أو السعال أو حتّى الصراخ يُطلقُ رذاذاً من أنفه وفمه، وغالباً ما يحتوي هذا الرذاذ على بكتيريا المايكوبكتيريوم، وقد تبقى هذه الجزيئات مُعلّقةً في الهواء لعدّة ساعات، فإذا ما استنشقها شخص ما فإنّها تنتقل من الأنف أو الفم عبر المجاري التنفسيّة وصولاً إلى الحُويصلات الهوائيّة في الرئتين. هنالك عدّة عوامل تُحدّد احتماليّة إصابة شخص ما بمرض السل، أبرزها قابليّة هذا الشخص للإصابة بمرض السل، وذلك ما تُحدّده قوّة جهازه المناعي، بالإضافة إلى مدى عدوائيّة المريض، وذلك مُرتبط بعدد البكتيريا التي يُطلقها في الهواء مع العطاس أو السعال، وهنالك أيضاً عوامل أخرى مثل قرب الشخص المُستقبل للعدوى من المريض، وكذلك طول المدّة الزمنيّة لتعرّضه للجزيئات الحاملة للبكتيريا.[3]
تتواجد أعراض مرض السل في الشكل النّشط منه فقط، وتختلف باختلاف العضو المُتضرّر منه، ويتفاقم مرض السل بوتيرةٍ بطيئة نوعاً ما؛ إذ قد لا تظهر الأعراض إلّا بعد مرور أشهر أو حتّى سنوات من الإصابة بالبكتيريا، أمّا أبرز أعراض مرض السل فهي على النّحو الآتي:[4]
قد تتشابه الأعراض السابقة مع أعراض العديد من الأمراض الأخرى، ولذلك توجد العديد من الفحوصات التي تُشخّص مرض السل؛ حيث توصي مَراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بإجراء فحوصات الكشف عن الشكل الكامن من مرض السل للأشخاص الأكثر عرضةً لهذا المرض، مثل مرضى متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، وكذلك الأشخاص الأكثر صلةً بمرضى السل، بالإضافة إلى عمّال القطاع الصحي الذي يعالجون هؤلاء المرضى، والمَرضى الذين يَتعاطون الأدوية عن طريق الحقن أيضاً.[1]
يتضمّن علاج مرض السل تناول المضادّات الحيويّة؛ فعلى الرغم من أنّه مرض خطير، إلّا أنّه من النّادر أن يؤدّي إلى الوفاة إذا تمّ علاجه بالشكل السليم، ولا يحتاج معظم المرضى الإدخال إلى المستشفى، بل يكفي تناولهم للأدوية في المنزل، ويعتمد اختيار نوع المضاد الحيوي ومدّة العلاج على شكل مرض السل؛ فعلاج مرض السل يكون على النّحو الآتي:[5]