تُعَدُّ مدينة جبل طارق عاصمة بلد جبل طارق،[1] وهي تتبعُ إداريّاً إلى المملكة المُتَّحِدة، وتقعُ على شبه جزيرة ضيِّقة تُطِلُّ من الشاطئ الجنوبيّ لإسبانيا على البحر الأبيض المُتوسِّط، علماً بأنّ المدينة تحتلُّ مساحة جغرافيّة تُقدَّر بنحو 6كم2، ومعظم هذه المساحة تحتلُّها كُتلة صخريّة ضخمة من الحجر الجيريّ تُعرَف ب(صخرة جبل طارق)، أمّا تسمية المدينة بجبل طارق فهي تُنسَب إلى القائد المُسلم طارق بن زياد الذي دخل إسبانيا فاتحاً في عام 92هـ/711م.[2]
تلعب التضاريس في منطقة جبل طارق، والموقع الجغرافيّ المُتميِّز دوراً مُهمّاً في تنوُّع مناخها؛ فهي تقع على حافّة القارّة الأوروبّية، بالقُرب من القارّة الأفريقيّة، كما أنّها قريبة في الوقت نفسه من البحر الأبيض المُتوسِّط، والمحيط الأطلسيّ، عند المدخل الغربيّ لحوض البوران الواقع بين سلسلة جبال الأطلس من الجهة الجنوبيّة، وسلسلة جبال سييرا نيفادا في الشمال، وتُشكِّل هذه الجبال حاجزاً طبيعيّاً أمام الرياح القادمة من حوض البوران؛ نتيجة لذلك تسود الأجواء الجافّة، والدافئة، وتهبُّ الرياح المَحلّية القادمة من الاتّجاه الغربيّ، أو الشرقيّ خلال فصل الصيف، ويَصل مُعدَّل الفترة الزمنيّة لوجود الأشعّة الشمسيّة إلى نحو 10 ساعات وثلاثين دقيقة خلال اليوم، ويستمرُّ الجفاف خلال الصيف إلى 90 يوماً مُتتالِياً، أمّا مُتوسَّط درجة الحرارة خلال شهر آب/أغسطس، فهو يبلغ 24.3 درجة مئويّة. وفي فصل الشتاء تسودُ الأجواء الرطبة، والباردة، حيث تكون الأجواء بما تبلغ نسبته 30% من الأيّام رطبة، ويصل مُتوسَّط درجة الحرارة خلال شهر كانون الثاني/يناير إلى 13.5 درجة مئويّة.[3]
يقطنُ جبلَ طارق ما يُقارب 30,000 نسمة، وتتشكَّل الغالبيّة العُظمى من السكّان من الأصول الإيطاليّة، والبرتغاليّة، والإسبانيّة، والمالطيّة، بالإضافة إلى السكّان من أصل العسكريّين البريطانيّين، ويُذكَر أنّ سُكّان مدينة جبل طارق جميعهم يقطنون في شقق سَكَنيّة صغيرة، ومبانٍ سَكَنيّة عالية قد يصل عدد أدوارها إلى 16 دوراً، علماً بأنّ الحكومة هي مَن أنشأت هذه المباني، أمّا من الناحية الدينيّة، فإنّ مُعظم سُكّان المدينة يتبعون الكنيسة الرومانيّة الكاثوليكيّة، بالإضافة إلى أنّ مُعظم العائلات في جبل طارق يتحدَّثون اللغة الإسبانيّة في منازلهم، إلّا أنّ اللغة المُستخدَمة في التدريس هي اللغة الإنجليزيّة، مع التنويه إلى أنّ التعليم مجّاني لِمَن هم بَين سِنّ 5-15 سنة.[2]
اعتمدَ اقتصاد جبل طارق بشكل أساسيّ قَبل 20 سنة على الجيش البريطانيّ؛ فقد كان هو المُحرِّك الرئيسيّ لاقتصاد البلاد، حيث وصلت نسبة مساهمته في الدخل القوميّ إلى نحو 60%، ومع تنوُّع الأنشطة الاقتصاديّة بين التجارة، والسياحة، وغيرها من المجالات، بدأت مساهمة الجيش البريطانيّ في الدخل القوميّ تَقِلُّ إلى أن وصلت في الآونة الأخيرة إلى نحو 7%، علماً بأنّ الحكومة البريطانيّة منعت ضريبة القيمة المُضافة على البضائع، ممّا شَجَّع حركتي الاستثمار، والتجارة، كما تنتشر في جبل طارق العديد من دُور النَّشر، ومراكز صناعة الألعاب الإلكترونيّة، بالإضافة إلى أنّ مضيق جبل طارق يساهم في نَقْل نحو سُدس التجارة العالَميّة، وحوالي 5% من تجارة النِفط العالَميّة، ومن الجدير ذِكره أنّ جبل طارق لا يضمُّ الكثير من المناطق الزراعيّة؛ ولذلك فإنّ السكّان يستوردون الموادّ الغذائيّة من الخارج.[4]
مرَّ جبل طارق عبر تاريخه الطويل بالعديد من الأحداث المِفصَليّة التي كان لها الأثر البارز في حاضر، ومُستقبَل المنطقة، وأهمّ هذه الأحداث:[5]