كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الكرام أوّل من صام شهر رمضان المبارك بعد أن فرض الله الصيام فيه، وكان المسلمون قبل ذلك يصومون ثلاثة أيامٍ في الشهر، وذكر الإمام السيوطي إنّ أوّل من صام من البشر هو آدم -عليه السلام-، حيث كان يصوم ثلاثة أيامٍ في الشهر، بينما نقل ابن أبي حاتم عن الضحّاك أن أوّل الصيام كان في عهد نوح -عليه السلام- حيث صام نوح ومن كان بعده حتى جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- فصام وحثّ المسلمين على الصيام.[1]
ذكر علماء الأمّة أنّ المسلمين كانوا مخيّرين في الصيام أوّل الأمر حين نزل قول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)،[2] ثمّ أصبح الصيام واجباً عينياً على كلِّ مسلمٍ قادرٍ؛ حينما نُسخ حكم التخيير بنزول قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،[3] ودلّ التدرج في الأحكام على حِكمة الشريعة وتيسيرها، فقد فرض الله الصيام بعد أن ألِفه الناس، وأصبح حكم التخيير مقتصراً على من كان عاجزاً عن الصيام حيث يُقدّم فديةً بإطعام مسكين عن كلّ يومٍ يُفطره، وكان فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة.[4]
صيام شهر رمضان المبارك فرضٌ على كلّ المسلمين؛ لأنّه ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، فمن أنكر فرضيته كَفَرَ، إلّا أن يكون مقيماً في بلادٍ بعيدةٍ عن بلاد المسلمين حيث يتوجّب على المسلمين تعريفه بوجوب الصيام في حقّه، فإن استمرّ على إنكاره كَفَرَ بعد إقامة الحُجّة عليه، وأمّا من ترك الصيام من المسلمين تهاوناً فيه فيكون فاسقاً.[5]