أهمية التسامح

أهمية التسامح

التسامح

السماحة في اللغة تعني السلاسة والسهولة، والتسامح هو التساهل، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فإنّها تطلق على معنيين؛ الأول هو بذل ما لا يجب تفضّلاً، والثاني يكون في التعامل مع الغير، والمعاملات المختلفة مع الناس، وذلك بتيسيير الأمور، والملاينة فيها، التي تتجلّى في التيسيير،[1] فقد قال الله تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)،[2] فإنّ العفو، والتسامح، وسعة الصدر، وضبط النفس عند الغضب، والصبر على ما يكرهه الإنسان، كلّ ذلك ممّا أمر به الله تعالى، وتحلّى به رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهي من مكارم الأخلاق الحميدة، وأكثرها فائدةً، وتعود على المجتمع الإنساني بالفضل الكبير؛ لما تقرّب المتباعدين، وتؤلف بين قلوب المتباغضين، وكان في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الأسوة الحسنة والقدوة الفاضلة، في التحلّي بمثل هذه الصفات من العفو، والتسامح، والصبر على الأذى، فقد صبر رسول الله على إيذاء الكافرين، وكان يزداد صبراً كلّما زاد الإيذاء منهم، وما انتقم لنفسه قطّ إلّا أن تُنتهك حرمات الله، فإنّه يغضب لذلك، وقد كان لذلك الذي اتّصف به، الأثر الكبير في نفسه، ويظهر ذلك عندما طاردوه بالطائف حين دعاهم دعوة الحقّ، فحرّضوا عليه عبيدهم والسفهاء منهم، فضربوه حتى سال الدم من قدميه الشريفتين، وشجّوا رأسه، حتى غضبت ملائكة السماء من ذلك، وأرسل الله ملائكةً ليطيعوه فيما يأمرهم أن يفعلوا بهم، فيأبى الرسول؛ لعلّ أن يتوب واحدٌ منهم إلى ربّه ويوحدّه، وقد امتلأت سيرته بمثل تلك المواقف العظيمة؛ لتكون عبرةً وعظةً لكلّ مسلم أراد أن يكون رسول الله هو القدوة العُظمى له في كلّ أمور حياته.[3]

أهمية التسامح

إنّ للتسامح فوائد جمّةً، وآثارٌ عظيمة على الفرد والمجتمع، وفيما يأتي بيان البعض منها:[4]

  • العفو عن المسيء يعدّ رحمةً به، ومراعاةً لجانبه الإنساني، وأنّه ضعيف لكونه إنساناً، وهو امتثالٌ لأمر الله تعالى، وطلب العفو والمغفرة والرحمة منه.
  • العفو والتسامح سبباً من أسباب نيل مرضاة الله تعالى.
  • يعدّ التسامح سبباً من أسباب التقوى، وصفةً للمتّقين؛ لقول الله تعالى: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ).[5]
  • الشعور بالراحة النفسية، والاطمئنان الداخلي، والسلام، وشرف النفس.
  • العفو سبباّ من أسباب نيل العزّة؛ فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا).[6]
  • كسب الرفعة والمكانة عند الله تعالى، وعند الناس.

ضوابط التسامح مع أهل الأديان الأخرى

للمسلمين في تعاملهم وتسامحهم مع أهل الأديان الأخرى عدّة ضوابطٍ، يجب الالتزام بها، وعدم تجاوزها في مختلف الجوانب، وفيما يأتي بيان البعض منها بشكلٍ مفصّلٍ:[7]

الضوابط تجاه الدين الإسلامي

فمن جهة العقيدة، فلا يجوز لمن ينتمي إلى الإسلام ويعيش في دولة الإسلام أن يقلّل من شأن الدين الإسلامي، أو نشر التشكيك فيه، أو إثارة الشبهات حوله، سواءً كان ذلك فيما يتعلّق بالذات الإلهية، أو فيما يتعلّق بالرسول صلّى الله عليه وسلّم، فالكفّار يُمنعون من إظهار عقائدهم في بلاد الإسلام، ومن باب أولى منعهم من الدعوة إليها.

الضوابط تجاه شريعة الإسلام

ففي التعاملات المدنية، يُلزم الذميّون بالخضوع للتعاملات المدنيّة المقرّرة في الشريعة الإسلامية، وذلك مع المسلمين وفيما بينهم، التي لطالما ينعم الجميع بالتعامل فيها بالعدالة والأمان، أمّا في الأحكام الجنائية، فالأحكام تطبّق على كلّ مَن يعيش في دولة الإسلام، سواءً كان مسلماً أم غير ذلك؛ حتى يعمّ الأمن والاستقرار في جميع أنحاء الدولة.

الضوابط تجاه المسلمين

وتتضمن ذلك عدم مجاهرتهم بمنكرهم، فالإسلام دين سماحة وحرية وتيسيير، ومع ذلك لا يسمح بأن تؤدّي هذه السماحة إلى الإضرار بالدعوة الإسلامية، أمّا ما يعتقدون بأنّه حراماً في دينهم، ويكون حراماً في شريعة الإسلام، فإنّهم يُمنعون منه حتى في أماكنهم الخاصة، كالربا، وتتضمّن اجتناب ما فيه ضررٌ على المسلمين، سواءً أكان ضرراً أمنيّاً، أم ضرراً نفسيّاً، أم غيره من الأضرار، كأن يتعدّى على أحدٍ من المسلمين، أو من غيرهم على أي فردٍ من أفراد الدولة بالضرب أو الشتم، وكذلك الجزية؛ وهي ما يُفرض على أهل الذمة كلّ عامٍ بشروطٍ مخصوصةٍ، والخراج؛ وهو ما يُفرض على رقاب الأرضين من حقوق تؤدّى عنها، والعشور؛ وهي ضريبة تجارية تُفرض على أموال المسلمين والذميّين والمستأمنين المعدّة للتجارة، وتختلف العشور عن الجزية والخراج بأنّها تُفرض على الذميين والمستأمنين.

مظاهر التسامح

من مظاهر التسامح ما وُجد بين المسلمين من محبّةٍ ورباطٍ وأخوّةٍ، وهو ما يظهر من الرابط الأساسي الذي يربطهم، وهو عقيدة التوحيد، فقال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)،[8] فلا رباط أقوى من العقيدة، ولا عقيدة أقوى من عقيدة التوحيد، ومن ثمرات هذه الأخوّة المساندة والتعاون، وهذا هو المظهر العملي الذي يظهر على أرض الواقع للأخوّة والرباط، ومن مظاهر التسامح والتعاون، فينهض الضعيف بالقوي، ولا يبقى في المجتمع أي فقيرٍ، ومن أدلّ الأمثلة على ذلك؛ الزّكاة التي تعدّ الركن الثالث من أركان الإسلام، ويظهر التسامح في التواصي والتناصح، فيعتبر المسلم مسؤولاً عمّن حوله، ينصحهم ويتقبّل النصيحة منهم، وتطهّر المجتمع، فيكون المجتمع خالياً من كلّ ما يعترض للعفّة، والطهارة، ويظهر التسامح في العدالة بأنواعها، سواءً كانت فيما يتعلّق بشؤون الناس في حياتهم اليومية، أو بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية؛ حتى لا يطغى الأغنياء على الفقراء، كذلك بالعدالة القانونية؛ حتى يصل كلّ حقٍّ إلى أهله، ويستوفي كلّ ظالمٍ عقوبته من وليّ الامر.[9]

المراجع

  1. ↑ "معنى السماحة لغةً واصطلاحاً"، dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2018.
  2. ↑ سورة آل عمران، آية: 134.
  3. ↑ محمود خليفة (21-9-2015)، "أثر التسامح في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "فوائد العفو والصفح"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2018. بتصرّف.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 237.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2588، صحيح.
  7. ↑ ميمونة الناصر (21-7-2012)، "التسامح مظاهره وآثاره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2018. بتصرّف.
  8. ↑ سورة الحجرات، آية: 10.
  9. ↑ "من مظاهر التسامح الإسلامي الأخوة بين المسلمين "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-8-2018. بتصرّف.