-

ما هو تعريف الثقافة

ما هو تعريف الثقافة
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تعريف الثَّقافة

الثَّقافة في اللغة كما جاء في معجم اللغة العربيَّة المُعاصِر هي مصدر الفعل ثَقُفَ، وهي العُلوم والمَعارف الّتي يُدرِكها الفرد، ومَجموع ما تَوصَّلت إليه أُمَّة أو بَلَد في مُختَلَف الحُقول من أدبٍ وفكرٍ وعلم وفن وصِناعة بِهدف استنارة الذِّهن،[1] أمّا اصطِلاحاً، فهي الرُّقيّ في الأفكار النَّظريَّة، ويَشمِل ذلك الرُّقيّ في القانون والفنون والسِّياسة والتّاريخ والأخلاق والسُّلوك، والمَقصود من مُصطلح الثَّقافة: (العلم الَّذي يبحث كُلِيَّات الدِّين في مختلف شؤون الحياة)، فإذا تمّ وصف دين مُحدّد فذلك يَعني الاختصاص بِكلِيَّات ذلك الدّين، مثلاً الثَّقافة الإسلاميّة تعني: (علم كلِيَّات الإسلام في نظم الحياة كلِّها بترابطها).[2]

تُعرّف الثَّقافة عند الفلاسفة بأنَّها تَهذيب وصَقل النَّفس البشريَّة، وهي مَجموعةٌ من السُّلوكيَّات الّتي يتم اتِّباعها لِتقويم سلوك الأفراد والمُجتمعات، وذلك عن طريق العقائِد والثَّقافات المُختلفة الّتي تهدف إلى تقويم وضَبْط السُّلوك، ويتجلَّى المَعنى الحقيقي للثَّقافة في ظهوره في الاعتقادات والأفكار المُتَّبعة من قِبَل الأفراد، بالإضافة إلى سُرعة البديهة في اتِّخاذ القرارات، وفي تعبير الفرد عن نفسه بطريقةٍ سليمة، بالإضافة إلى المُشاركة في الحديث واحترامِ الرأي الآخر.[3]

يُمكِن استِخدام كلمة ثقافة لِلتَّعبير عن أحد المَعاني الآتية:[4]

  • تذوُّق الفنون الجميلة والعُلوم الإنسانيَّة بامتياز، وهو ما يُطلَق عليه أيضاً الثَّقافة عالِيَة المُستوى.
  • المَعرِفة البشريَّة والاعتقادات والسُّلوك الفردي الّذي يعتمِد على قُدرة الفرد على التَّفكير والتعلُّم الاجتماعي بِطريقةٍ سَليمة.
  • مجموعة من الاتِّجاهات والقِيَم والأهداف الّتي تُميِّز مؤسَّسةً أو مُنظّمةً جماعيَّةً مُعيَّنة.

ظُهور مفهوم الثَّقافة وتَطَوُّره

ظَهَر مفهوم الثَّقافة بِدايةً في نِهاية القَرْن الثَّامن عشر وبِداية القَرْن التَّاسع عشر في أوروبا، بِهدَف تَحسين مُستوى الأفراد وإصلاحهم، ثمّ تطَوَّر المفهومُ إلى تحسين وتعديل مهارات الإنسان الإيجابيَّة، وذلك من خِلال التَّربية والتَّعليم،[5] وفي مُنتصف القرن التَّاسع عشر أصبح مفهوم الثَّقافة يُشير إلى قدرةِ الإنسان البشريَّة على مستوى العالم أجمع.[4]

في السَّبعينات من القَرْن التَّاسع عشر قدَّم عُلَماء الأنثروبولوجيا أكثر من تعريف لِمفهوم الثَّقافة، وأجمعوا في المُحصِّلة على أنّها تتضمّن المَعرفة، والمُعتقدات، والأخلاق، والقانون، والعادات، والإمكانيَّات الاجتماعيَّة، وأيَة طبائِع اكتسبها الفَرْد من المُجتمع، ثمّ تمَّت تَحسينات جديدة على مفهوم الثَّقافة إلى أنْ توصّل العُلَماء إلى أنّها سُلوك تعليمي يتناقض مع السلوك الموهوب من التُّراث،[6] وفي القرن العشرين أصبح مفهوماً أساسيَّاً في علم الأنثروبولوجيا؛[4] حيث حظِيَ مفهوم الثَّقافة بمكانةٍ كبيرةٍ في الأدب الأوروبي في ذلك الوقت، وما يزالُ هذا المفهوم في تطوُّرٍ مُستمِر ويأخذ أبعاداً جديدة لمْ تَكُن موجودةً من قبل؛ حيث كان الشّاعر إليوت من أشهر من اهتمَّ بمفهوم الثَّقافة في القرن العشرين، وقد وضع ثلاثة شروطٍ لتحقيق الثَّقافة، وهي:[6]

  • البِناء العضوي، يُساعد على الانتقال المُتوارث لِلثَّقافة داخل مُجتمع مُحدّد.
  • القابليَّة لِلتَّحليل؛ حيث يجب أنْ تكون الثَّقافة قابِلةً لِلتَّحليل إلى ثقافات محلِيَّة، والمقصود بذلك هو البُعد الإقليمي لِلثَّقافة.
  • التَّوازُن بين الوحدة والتَنوّع في الدَّين، ويُعتبر هذا الشرط من أهمّ الشُّروط الثَّلاثة؛ حيث إنَّ الكثير من الثَّقافات لا يُمكِن أنْ تُهمِل جانب الدِّين.

في نهاية الحرب العالميَّة الثَّانية أصبحت لِمفهوم الثَّقافة أهميَّة كبيرة ولكن بمَعاني تختلف عن بعضها البعض، وبرزت أهميّة الثقافة في علم الاجتماع، والأبحاث الثَقافية، وعلم النَّفس، وأبحاث الإدارة،[7] وبِما أنَّ كُل مُجتمع لديه منظومة سلوك تَحكُمه مَعايير تختلف من مُجتمع لِآخر فإنّ الفرد يتمتّع بِمنظومة سلوك مُجتمعه منذ لحظة ميلاده، ويتطوّر ذلك السُّلوك خلال فترة عيشه في المُجتمع نفسه، ومع تطوُّر المُجتمعات وتحضُّرها أصبحت الثَّقافة تتضمّن توجُّهات الأفراد المُشتركة مع عالم المَعرفة التكنولوجي من وسائل الاتِّصالات الحديثة مثل الإنترنت وليس فقط وصف لِمن له دِراية بِعالَم الموسيقى، والفن، والسِّياسة، واللغات المُختلفة، والمَجالات الأُخرى.[6]

تفسير الثَّقافة في علم الأنثروبولوجيا الأمريكيَّة

إنّ مُصطلح الثَّقافة في الأنثروبولوجيا الأمريكيّة له تفسيران هما:[7]

  • وصول القُدرة الإنسانيَّة إلى الحد الّذي يجعلها تُصنِّف وتميّز الخبرات والتّجارب بِطُرقٍ رمزيَّة، ثمَّ التَّصرُّف بإبداع.
  • تباين خِبرات الأشخاص الّذين يعيشون في أنحاء العالم المُختلفة؛ حيث تُؤثِّر خبراتهم على تصرّفاتهم وتصنيفها.

الارتقاء في الثَّقافة

وضع الشَّاعر ماثيو آرنولد مفهوماً آخر للثَّقافة يُشير إلى دماثة الخُلُق، وبصورة أخرى فإنَّه يُشير أيضاً إلى أفضل ما توصَّل إليه البشر من الاعتقادات وطرق التَّفكير، وهو شبيه أيضاً بالمُصطلح الألماني بيلدونج (بالإنجليزيَّة: Bildung)، والّذي يعني أنَّ الثَقافة تهدف إلى تحقيق الكمال عن طريق التعرُّف على أفضل ما تمّ التوصُّل إليه من أمور مُهمّة على مستوى العالَم فِكراً وقولاً.[8]

للثَّقافة تَعريفات مُعاصِرة تندرج تحت ثلاثة تصنيفات هي:[8]

  • تنمية النواحي الفكريَّة والجمالِيّة والرُّوحيَّة.
  • التَعبير عن طريقة معيشة الشُّعوب أو المَجموعات خلِال فترةٍ من الفترات.
  • جمْع الأعمال والمُمارسات الخاصَّة بالنَّشاط الفني والفكري.

إنَّ فكرة الثَّقافة الّتي انتشرت في أوروبا عكست حالة من عدم المُساواة داخل المُجتمع الأوروبي؛ حيث إنَّها عبَّرت عن كلمة حضارة بِكلّ ما تَعنيه الكلمة من معنى، وكان التمييز يُشبِه إلى حد ما التَّمييز بين علية القوم وعامَّة النّاس،[8] وهذا أدّى إلى ظهور التّناقض، فقد اختلفت ثقافات الشُّعوب، وظَهَرت مُجتمعات مُتمدِّنة وأخرى غير مُتمدِّنة، السَّبب الّذي جَعَل بعض الشُّعوب مُتحضِّرة أكثر من غيرها، وبعض الأفراد أكثر تقافةً من غيرهم،[5] ممَّا دعى بعض العُلَماء مثل هربرت سبنسر ولويس هنري مورغان إلى وضع النَّظرية الداروينيّة الاجتماعيّة، ونظريّة التطوّر الثقافي، ويعود هذا التناقض الثقافي إلى الصِّراعات بين الشُّعوب والأفراد، والطَّبقات الاجتماعيّة المُختلفة فيما بينها.[8]

أعاد إدوارد تايلور صِياغة مفهوم الثَّقافة على أنَّها مَجموعة من الأنشِطة المُتميِّزة لِكافَّة المُجتمعات البشريَّة على اختلافها، وهذا التَّعريف مهَّد الطَّريق إلى مفهوم الثَّقافة الحديثة، وفي ألمانيا كان لِلفيسلسوف الألماني إيمانويل كنت تعريفه الخاص لِلثَّقافة تحت مبدأ التَّنوير وهو مفهوم مُماثِل لِمفهوم بيلدونج؛ حيث قال بِأنَّها خُروج الإنسان من مرحلة عدم النُّضج والّتي تُكبِّده الكثير من العَناء، وأكَّد أنَّ هذا النُّضج لا يأتي من حالة عدم الفَهْم والسَّعي إلى المَعرِفة، ولكنَّه يأتي من نقص في الشَّجاعة على التَّفكير بِشكل مُستقِل أيضاً.[8]

أنواع الثَّقافة

للثَّقافة أنواع عديدة منها:[5]

  • الثَّقافة العامّة: هي مجمل الآداب والفنون والعلوم في الإطار العام الخاص بها.
  • الثَّقافة الوطنيَّة: هي كُلّ ما يَرتبط بحضارة الوطن ويُميّزها عن غيرها من فنٍّ وأدبٍ وعلوم وعادات وتقاليد.
  • الثَّقافة الأساسيَّة: هي مجموع الصفات الثَّقافية المُتواجدة في زمان ومكان مُعيّنين.
  • الثَّقافة المهنيَّة: هي الثَّقافة الّتي يهتمّ بها من هُم على درجةٍ عاليةٍ من التمدُّن أو التعليم.
  • الثَّقافة الشَّعبيَّة: هي الّتي تُميِّز شعباً عن غيره بامتثالها لِعادات وتقاليد وأشكال تنظيميَّة خاصّة بها.
  • الثَّقافة المُضادَّة: هي الّتي تُعبِّر عن اتّجاه ثقافي يُحاوِل أن يحلّ محلّ الثَّقافة التَّقليديَّة المألوفة.

خصائص الثَّقافة

للثَّقافة خَصائص مُتعدّدة منها:[4]

  • يَحصُل الفرد على الثَّقافة من المُجتمع كَوْنه فرداً منه؛ حيث إنّ العيش في المُجتمع من دون العلاقات الاجتماعية والتَّواصُل وتبادُل الخبرات سيَكون مستحيلاً.
  • الثَّقافة حَقْل شامل ومُعقَّد، فهي تشمل مثلاً أسماء المقابِر المُتعارف عليها، وأسماء الآلات والمُحرِّكات، والحركات الاجتماعيّة مثل المُصافحة باليد، أو الإيماءة باليد من بعيد.
  • الثَّقافة مُكتسبة وليست فِطريَّة؛ بل يتعلمها الأفراد بانتقالها من جيل إلى جيل، كما أنَّها تراكُمية؛ حيث إنَّ عناصر الثَّقافة تتراكم بانتقالها وتوارُثها بين الأجيال.
  • الثَّقافة تشتَمِل على العناصر الماديَّة والمعنوية، وتَرتبط هذه العناصر مع بعضها بشكل عضوي، فمثلا النِّظام السياسي يتأثر بالنظام الاقتصادي والعكس، ويتأثر النِّظام التعليمي بالنِّظامين السَّابقيْن، كما أنَّ العادات والتَّقاليد تؤثِّر في أنظِمة الأسرة مثل الزَّواج والاحترام المُتبادل بين الكبير والصغير، وأي تغيُّر في أحد الأنظِمة يَتبعه تغيُّر في أسلوبِ المَعيشة.
  • تَنتقل عَناصر الثَّقافة بالاحتكاك بين الأفراد والمُجتمعات، ويؤثِّر المُجتمع ذو الثَّقافة الأقوى والأفضل على المُجتمعات الأخرى.

فوائِد الثَّقافة

من فوائِد الثَّقافة:[4]

  • تُكسِب أفراد المُجتمع الواحد شعور الوحدة، وتُنمِّي لديهم الشَُعور بالانتماء والوَلاء، وتُتيح لهم العمَل دون اضطراب.
  • تَمُدّ أفراد المُجتمع بالأنماط السُّلوكية، الّتي تُشبع حاجاتهم البيولوجيّة من مأكل ومشرب وملبس لِتضمن لهم الاستِمرار والبقاء، كما تَمُدُّهم بالقَوانين والأنظِمة اللازمة لِلتَّعامل مع مواقف الحياة المُختلفة دون اضطِراب.
  • تَجعل الفرد يقدِّر الدَّور التربوي للثَّقافة، وذلك بِتجربة ثقافات أخرى غير ثقافته ومُلاحظة الفروقات الّتي قد تَطغى على وجوده.
  • تُقدِّم لِلفرد الحُلول المُناسِبة لِلمُشكلات الّتي قد تُواجهه، وبالتّالي توفِّرعليه الوَقت والجُهد في البحث عن حُلول لِمُشكلاته.
  • تُعطي لِلفرد تفسيرات مألوفة بالنِّسبة لِثقافته؛ بحيث يُحدّد سلوكه وطريقة معيشته على ضوء تلك التفسيرات، ونوفِّر له المعايير اللازمة للتمييز بين الأحداث من حيث صِحَّتِها.

فيديو تعريفي عن ماهيّة الثقافة؟

لمعرفة المزيد شاهد الفيديو التالي

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى ثقافة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  2. ↑ أحمد محمد عاشور (2016-5-28)، "تعريف الثقافة لغة واصطلاحا"، الألوكة الثقافية، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  3. ↑ المحامي الدكتور عبد الباري عبد الله تربل (2017-3-18)، "الثقافة الدستورية بين المفهوم والتطبيق"، ليبيا المستقبل. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج د. حنا عيسى (2016-9-21)، " الثقافة.. عقائد وقيم رقي المجتمعات "، دنيا الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت الجيلاني الحطاب (2016-2-12)، "ثقافة القرن الواحد والعشرين ملامحها وأهدفها"، مكتب التربية العربي لدول الخليج abegs، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت الأستاذ الدكتور / سعيد إبراهيم عبد الواحد، "مفهوم الثقافة"، Arab World Books ، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  7. ^ أ ب مهدي جعفر (2016-7-31)، "المثلية الفكرية والثقافية مقابل الصراع نحو منفذ جديد للتعايش"، مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي، اطّلع عليه بتاريخ 2017-6-23. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث ج د.ندا الغاد (2014-4-18)، الثقافة مفاهيمها ومدلولاتها وآراء الفلاسفة، صفحة 3-6. بتصرّف.