ما حكم الختان في الإسلام
الختان في الإسلام
شرع الإسلام عَدداً من الخِصال التي فيها طهارة ونقاء للمُسلم في بدنه ومَظهره العام ممّا يعود عليه بالصحّة، وكان من بين تلك الخصال الختان؛ حيث جاء الأمرُ به مَقروناً بمجموعة خصالٍ منها تقليم الأظافر، وإعفاء اللحية، وقصُّ الشارب، وغير ذلك من الخصال. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (خَمسٌ منَ الفِطرةِ: الاستِحدادُ، والختانُ، وقصُّ الشَّاربِ، ونَتفُ الإبطِ، وتَقليمُ الأظفارِ).[1]
يَتوجّب على المُسلم الالتزام بما أمر الله به، أمّا من ناحية الحُكم الشرعي لسنن الفطرة وخصالها فيختلف بين كلِّ خصلة كما قال الفقهاء. ستَبحث هذه المقالة عن خصلةٍ واحدة من الخصال السابقة هي: الختان، فما هو الختان؟ وما حُكمه الشرعي في الإسلام؟ وهل هو واجب على الذّكر والأنثى بحدٍ سواء، أم يجب على فئة دون فئة؟ وما الحكمة من تشريعه في الإسلام؟
المقصود بالختان
مَعنى الختان لغةً: مصدر خَتَنَ أي قَطَعَ، يُقال ختن الصبي يختُنه أو يختِنه ختناً، وختاناً، ويُقصد بالختان في الاصطلاح الفقهي قطع الجلدة التي تغطّي حَشَفة الذكر، وقطع الجلدة التي تكون في أعلى فرج المرأة أعلى مدخل الذكر بشكل نواةٍ أو عُرف ديك، والمقصود بختان الأنثى هو قطع الجزء المستعلي من هذه الجلدة دون استئصالها كاملة، أما في ختان الرجل فالمراد به قطع جميع الغلفة التي تغطّي حشفة ذكر الرجل.[2] أثبت الطبّ الحديث أنّ للختان آثاراً وفوائد كثيرة، منها: أنّ فيه منعُ حُدوث الالتهابات؛ حيث يمنع من تَجمّع القاذورات في المَنطقة التي ينتزع منها الجلد، وفيه كذلك وقاية من الأمراض الجنسيّة والسرطانيّة.[3]
حكم الختان في الإسلام
اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الختان، وعلى كونه من سُنن الفطرة التي أُشير إليها في عددٍ من الأحاديث النبويّة الثابت نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم كقول أبي هريرة رضي الله عنه الذي يَرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خَمسٌ منَ الفِطرةِ: الاستِحدادُ، والختانُ، وقصُّ الشَّاربِ، ونَتفُ الإبطِ، وتَقليمُ الأظفارِ)،[1] ومع اتفاق الفقهاء على مشروعية الختان؛ إلا أنهم اختلفوا في حكمه على عدة آراء، وفيما يلي بيان ما ذهبوا إليه بخصوص ذلك:[4]
- وجوب الختان: ذهب جُمهور الفقهاء كالشافعي ومالك والأوزاعي وأحمد بن حنبل والشعبي ويحيى بن سعيد إلى أنَّ الختان واجبٌ شرعاً، بل إنّ الإمام مالك قد شدَّد في حُكم الختان وعقوبة من لم يختتن؛ فلم يُجز إمامته وقال بعدم قبول شهادته.
- الاختتان سنة للرجال مكرُمة للنساء: ذهب أبو حنيفة والحسن البصري والإمام مالك في روايةٍ عنه إلى القول بأنّ الختان سُنّة للرجال مَكرُمة للنساء، قال القاضي عياض: (الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب)، وجاء في شرح المختار للموصلي: (إن الختان سنة للرجال وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة فلو اجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه).
- الختان واجبٌ على الرجال مكرمة بحق النساء: ذكر ابن قدامة المقدسي رحمه الله في المُغْنِي إنّ حكم الختان الوجوب في حقّ الرجال وإنّه مكرُمة في حقّ النساء وليس واجباً عليهن.
- الختان واجب على الرجال والنساء: نُقل هذا القول عن الإمام أحمد بن حنبل؛ حيث قال بوُجوب الختان على الرّجال والنساء بحدٍ سواء.
فوائد الختان
تَتعدّد فوائد ومنافع الختان الصحية كما يقول الأطباء، فلم يَقف الكَلام في منافع وفوائد الختان على كونه مجرّد توقّعات وتكهّنات؛ بل إنّ الأطبّاء المتخصّصون قاموا بمَجموعة من الدّراسات الطبيّة التي تُثبت تلك الفوائد وتؤكّدها؛ حيث يَرى أصحابُ تلك الدّراسات أن الختان يُعتبر وقاية من الكثير من الأمراض المُنتشرة في العالم، والتي تكون في الغالب مهلكة لغير المختونين، ومن تلك الفوائد ما يلي:[3]
- الختان وقاية من الالتهابات: يتسبّب عدم اللجوء للختان والاختتان إلى حدوث التهابات موضعيّة في قضيب الرجل؛ لأنّ الحشفة المُحيطة به تكون مَكاناً خصباً لتجمّع الأوساخ والقاذورات ممّا يؤدي للإصابة بالالتهابات بسبب تجمّع الجراثيم بأنواعها وتكوّنها واستقرارها فيها، وتلك الأوساخ يصعب تنظيفها وإزالتها بوجود تلك الجلدة التي تُنتزع بالختان، فإن أُصيب الرّجل بتلك الالتِهابات أصبح اللجوء إلى الختان ضرورةً علاجيّةً لا بُدّ منها، وربّما يتفاقم الأمر إن لم يُلجأ إلى الختان حالاً، وربما أدّى ذلك إلى حدوث التهابات في المجاري البولية عند الصغار غير المختونين.
- الختان يقي من الإصابة بالتهاب المجاري البولية عند الأطفال: أُشير في النقطة السابقة إلى خطر عدم التختن في حدوث الالتهابات الموضعية، ممّا قد يؤدّي إلى حدوث التهابات في المَجاري البوليّة عند الأطفال، فإن تمّ الاختتان قبل البلوغ كان ذلك وقايةً للطّفل من حُدوث التهابات المجاري البولية عنده، وقد وجد الدكتور جنز برغ في دراسةٍ أجراها أنّ السبب في 95% من أمراض التهابات المجاري البولية عند الأطفال يُعزى إلى عدم الاختتان؛ حيث ينتشر في الغالب عند الأطفال غير المختونين وبنسبة تُقارب 95% من المُصابين بتلك الالتهابات، كما يؤكّد الدكتور جنز برغ أنّ الاعتياد على إجراء الختان يؤدي إلى منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهابات الحوض والكلية في كلّ سنة عند الأطفال في أمريكا تحديداً.
- الختان وقاية من الأمراض الجنسية: توصّل الأطبّاء إلى أنّ الختان يقي من الإصابة بالكثير من الأمراض الجنسية، ومن ذلك ما توصّل إليه البروفيسور وليم بيكوز الذي كان يعمل في الدول العربية لمدّةٍ تزيد عن عشرين عاماً، قام خلالها بفحص أكثر من ثلاثين ألف امرأة عربية؛ حيث وجد أنّ الأمراض الجنسية فيهن نادرة، بل شبه معدومة، وخاصّةً ما يُسمّى بمرض العقبول التناسلي، أو مرض السيلان والكلاميديا، والتريكوموناز، وسرطان عنق الرحم، ويُعزي البروفيسور وليم ذلك إلى أمرين رئيسيين هامين هما: ندرة الزنا والفاحشة في المجتمعات العربية بالمقارنة مع المجتمعات الغربية، وانتشار الختان بين الرّجال بنسبةٍ كبيرةٍ جداً، مقابل انعدام ذلك تقريباً في الدول الغربية، كما يرى آريا وزملاؤه أنّ الختان الذي يقوم به المسلمون والعرب يقي من الإصابة بالكثير من الأمراض الجنسيّة خصوصاً العقبول والثآليل التناسلية، وقد أثبتت أكثر من 60 دراسة علميّة ذلك من خلال إثبات ازدياد حدوث الأمراض الجنسيّة عند غير المختونين.
- الختان وقايةٌ من السرطان: يقول البروفيسور كلودري: (يمكن القول ودون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم، مما يجعل الختان عمليّة ضرورية لا بدّ منها للوِقاية من حدوث الأورام الخبيثة).
المراجع
- ^ أ ب رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2756.
- ↑ "معنى الختان والاستحداد"، إسلام ويب، 24-4-2002، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب عادل الصعدي (27-1-2013)، "سنن الفطرة"، جامعة الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2017، بتصرّف.
- ↑ "التفصيل في حكم الختان للذكور والإناث"، اسلام ويب، 11-4-2001، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2017، بتصرّف.