من هم الروم

من هم الروم

تُرجع بعض كتب التّاريخ كلمة الرّوم إلى سلالة بشريّة يطلق عليها أيضًا بنو الأصفر وهم من نسل العيص بن اسحاق بن إبراهيم عليهما السّلام، وهذا الرّأي يفصّل كلمة الرّوم من ناحيةٍ عرقيّة، والحقيقة أنّ كلمة الرّوم هي كلمة أعمّ وتشمل النّاس الذين تجمعهم صفاتٌ أو سماتٌ معيّنة كما يحملون ثقافةً توارثوها عن آبائهم وأجدادهم تختلف عن ثقافة غيرهم من الأمم كالعرب والفرس، ويتميّز الرّوم على الأغلب ببياض بشرتهم كما أنّهم يدينون بدين النّصرانيّة أو المسيحيّة والتي تتشعّب بدورها إلى طوائف منها الكاثوليك والأرثذوكس والبروتستانت.

وإنّ القارىء في كتب التّاريخ القديم يجد أنّ أكثر من اشتهر وأُطلق عليهم كلمة الرّوم هم الإمبراطوريّة الرّومانيّة الشّرقيّة أو البيزنطيّة التي كانت عاصمتها القسطنطينيّة التي بشّر النبّي عليه الصّلاة والسّلام بفتحها على يد المسلمين، وقد كانت هذه الإمبراطوريّة التي يتزعّمها في عصر النّبوة هرقل تسيطر على بلاد الشام ومصر قبل أن يفتحها المسلمون كذلك، وهناك إمبراطوريّة كانت تمثّل الرّوم وكانت تقع في غرب أوروبا وتسمى بروميّة وهي ايطاليا حاليّاً، وقد كانت كلا الإمبراطوريتين تتشكّلان من عرقيّات مختلفة من الأرمن والسّلاف والجرمان وغيرهم، وكان القاسم المشترك بينهم أنّهم كانوا يدينون بدين النّصرانيّة، وقد عادت الإمبراطوريّة الرّومانيّة الإسلام وحاربته منذ بداية الدّعوة حتى شاء الله تعالى لهذه الدّعوة أن تنتصر وتعمل على تأسيس أوّل دولة إسلاميّة لها في المدينة، لتنطلق بعد ذلك في نشر دين التّوحيد والهداية إلى النّاس جميعاً، فتفتح بلاد الشام وتفتح مصر وكذلك بلاد فارس أيّام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثمّ تجلّت قمّة الفتوحات الإسلاميّة حين فتح السّلطان العثمانيّ محمّد الفاتح القسطنطينيّة وحرّرها من الرّومان.

وقد ذُكرت كلمة الرّوم في القرآن الكريم وسمّيت سورةٌ كاملة باسمها، فقد نزلت آيات على النّبي عليه الصّلاة والسّلام تُنبّؤه بانتصار الرّوم على الفرس من بعد هزيمة، وقد كان المسلمون في بداية الأمر يحبّون أن يروا الرّوم منتصرين على الفرس بسبب أنّ الرّوم هم أهل كتاب بينما الفرس مشركون، كما أنّ انتصار الفرس يُفرح المشركين في مكّة بسبب اشتراكهم في نفس المنهج الضّال. وأخيراً ذكر النّبي الكريم أحداثًا بين يدي السّاعة يقاتل فيها المسلمون الرّوم، وتكون فيها الغلبة والعاقبة في النهاية للمسلمين.