ذهب بعض أهل العلم إلى القول بوجوب الإمساك عن الطعام والشراب والمفطّرات إذا وصل المسلم إلى بيته في نهار رمضان، وعلّل أصحاب هذا الرأي قولهم بأنّ المسافر قد أخذ برخصة الإفطار في نهار رمضان بسبب السفر، فإذا انتهت تلك الرخصة وجب عليه أن يمسك بقيّة يومه، بينما ذهب علماء آخرون إلى القول بجواز ترك الإمساك عن المفطّرات للمسافر بعد انتهاء سفره إذا كان آخذاً برخصة الفطر في أوّل سفره، وعلّلوا قولهم بأنّ المسافر قد أخذ برخصةٍ شرعيّةٍ للإفطار في السفر فلا يفيده الإمساك بقيّة اليوم؛ لأنّ قضاء اليوم الذي أفطره بسبب السفر يتوجّب عليه، وهذا مذهب الإمام مالك والشافعيّ وأحمد في روايةٍ عنه، أمّا إذا وصل المسافر إلى بلدٍ غير بلده فله أن يفطر مدّة بقائه في البلد التي يقيم فيها،[1] وإذا وصل المسافر إلى بيته وهو صائمٌ ثمّ أفطر بقيّة يومه فقد اتفق الفقهاء على حرمة الإفطار في حقّه، مع وجوب القضاء والكفّارة عند الشافعيّة والحنابلة والمالكيّة، أمّا الأحناف فقالوا بكراهة الفطر في تلك الحالة مع وجوب القضاء فقط دون الكفّارة.[2]
أباح علماء الأمّة الإسلاميّة للمسافر الإفطار في نهار رمضان، واستدلّوا على ذلك بقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[3] ويشترط لإباحة الفطر في السفر أن تكون المسافة ثمانين كيلومتراً عند جمهور العلماء، وقال آخرون إنّ العبرة في السفر ليست بالمسافة وإنّما كُلّ ما عدّه الناس سفراً انطبقت عليه رخصة الفطر في السفر، ويشترط ألّا يكون السفر في معصيةٍ عند جمهور العلماء، وألّا يفطر المسافر قبل مغادرته البنيان، وألّا يكون سفره للفطر، وألّا يقيم في البلد الذي يسافر إليها أكثر من أربعة أيّامٍ عند الجمهور، بينما ذهب آخرون إلى جواز الأخذ برخصة الفطر مهما طالت المدّة.[4]
بيّن العلماء فضل الأخذ برخصة الإفطار في السفر وترك الصيام، واستدلوا على ذلك بما ورد في السنّة النبويّة من قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ليسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ).[5][6]